فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بعبارة صريحة لا لبس فيها ولا غموض أن من اجتمعت فيه الخصال الثلاث، وصارت له خلقا وديدنا لا يتحرج منها، هو كافر خالص الكفر من شرار الكفار، وهم المنافقون، وأن هذه الخصال لا تكاد أن تجتمع في مؤمن البتة، فإن قال: أنا مسلم، فقد أمرنا أن لا نصدقه، وإن صلى وصام فلا صلاة له ولا صيام.

وقد أعطانا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه العلامات لنستدل بها على المؤمن الصادق، ونعرف بفقدها أعداء الإسلام المتقمصين ثوبه لمآرب يبتغونها، ودسائس يروجونها، وليس معنى أن نطردهم من المساجد، ولا من المجتمعات الإسلامية، ولا نحكم عليهم بالردة، ونعاملهم معاملة غير المسلمين في الأحكام الشرعية، بل نعتبرهم مسلمين ظاهرا، ونحترز منهم، ولا نأمنهم على مصالح الإسلام.

2- قوله: "وهو ولد عرب الحجاز كلهم" من المعلوم أن العرب فريقان: العرب العاربة، وهم أبناء يعرب بن قحطان، وهم سكان جنوب الجزيرة العربية, ولهم تاريخ حافل، وآثار قديمة باقية, وقد كانت لهم دول عظيمة عريقة في القدم، كدولة حمير ودولة سبأ ودولة معين.

وأما الشماليون فيسمون العرب المستعربة؛ لأن أباهم إسماعيل لم يكن عربيا في الأصل، وإنما تعلم العربية لأنه نشأ بين العرب في مكة وتزوج منهم، وبارك الله في ذريته كما جاء في سفر التكوين من العهد القديم في الباب السادس عشر أن ساراى امرأة أبرام لم تلد له, وكانت لها جارية مصرية اسمها هاجر فقالت ساراى لأبرام: "إن الرب قد أمسكني عن الولادة، أدخل على جاريتي لعلي أرزق منها بنين، فسمع أبرام لقول ساراى, فأخذت ساراى امرأة أبرام هاجر المصرية جاريتها من بعد عشر سنين لإقامة أبرام في أرض كنعان، وأعطتها أبرام رجلها زوجة له، فدخل على هاجر فحبلت ولما رأت أنها حبلت صغرت مولاتها في عينها, فقالت ساراي لأبرام: "ظلمي عليك، أنا دفعت جاريتي إلى حضنك فلما رأت أنها حبلت صغرت في عينها, يحكم الله بيني وبينك"، فقال أبرام لساراي: "هذه جاريتك في يديك افعلي بها ما يحسن في عينك"، فأذلتها ساراي فهربت من وجهها, فوجدها ملك الرب على عين الماء في البرية، على العين التي في طريق شور، وقال: "يا هاجر جارية ساري، من أين أتيت وإلى أين تذهبين؟ " قالت: "أنا هاربة من وجه مولاتي ساري"، فقال لها ملك الرب: "ارجعي إلى مولاتك، واخضعي تحت يديها"، وقال لها ملك الرب: "تكثيرا أكثر من نسلك فلا يعد من الكثرة". وقال لها ملك الرب: "ها أنت حبلى فتلدين ابنا وتدعين اسمه إسماعيل، لأن الرب قد سمع لمذلتك، وأنه يكون إنسان وحشياً، يده على كل واحد، ويد كل واحد عليه وأمام جميع أخواته يسكن". اهـ.

وهذه بشارة جاءت في العهد القديم بأن الله يكثر أولاد إسماعيل, وقول المترجمين للتوراة: "إنه يكون إنسانا وحشياً يده على كل واحد ويد كل واحد عليه" من أفسد الترجمات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015