أشرنا فيما سبق إلى أن أول خطأ نواجهه في المشروع التعسفي الضخم لهدم السنُّ النبوية، وإقصائها عن المجالات العملية في حياة الأمة، هو إدعاء صاحب المشروع أن كتابة الحديث النبوي وجمعه في كتب الحديث لم يكن مأذوناً فيه شرعاً. بل هو بدعة ضالة حدثت بعد صدر الإسلام الأول (عصر الرسول والخلفاء الراشدين) وأن هذه البدعة هي سبب نكبة المسلمين، وارتدادهم من الهدى إلى الضلال، وأن الأمة لم تكن في حاجة إلى أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ولم يتورع صاحب المشروع من وصف ـأحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنها خرافات! بل قال - بالحرف الواحد -: "وهكذا يتضح لك كم غيبوا عقول الأمة - يقصد علماء الحديث - وحجبوها عن الحق، وطمسوا أعينها عن النور"!!
الخطأ والوهم في هذا الكلام:
هذا الكلام الذي نقلناه عن صاحب المشروع مبنى على خطأ شنيع، ووهم أوهى من بيت العنكبوت، فقد تصور المؤلف أن هناك عداء حاداً بين القرآن وبين السنُّة. القرآن يقول للسنُّة: إما أنا وإما أنت؟ والسنة تقول للقرآن: إما أنا وإما أنتظ فهما عند صاحب هذا المشروع التعسفي لهدم السنة النبوية نقيضان لا يجتمعان معاً في حياة الأمة وتوجيهها، ولو لم يكن هذا التصور هو عقيدة صاحب المشروع لما ضاق ذرعاً بمجاورة النة للقرآن.
وهذا - كما يدرك القارئ - خطأ شنيع، ووهم بالغ، فالقرآن والسنة خيطان في نسيج واحد.