هنا أن الرزق مضبوط معروف عند العلماء، وبقي أن نعرف متى يكون المأخوذ من بيت المال رزقًا، ومتى يكون أجرة، أو نحوها؟

أمّا ما يخص الرزق من بيت المال فأمره واضح قد بينه العلماء، ومن ذلك ما سبق بيانه في تعريف الرزق، وأنّه ما يرتبه الإمام من بيت المال، لمن يقوم بمصالح المسلمين، ويلزم كي يكون رزقًا ما يأتي:

1 - أن يكون العامل مسلمًا. أي: من أهل القربة.

2 - أن يكون العمل ممّا يختص المسلم بفعله دون الكافر؛ كالأذان، والإمامة، ونحوهما.

3 - أن يكون هذا العمل في مصالح المسلمين.

وهذا هو الّذي عناه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بقوله: "أمّا ما يؤخذ من بيت المال فليس عوضًا، وأجرة، بل رزق، للإعانة على الطّاعة، فمن عمل منهم لله أثيب، وما يأخذه فهو رزق للمعونة على الطّاعة" (?).

وعليه، فإذا اختلت الشروط السابقة بقي العمل مستحقًا بالأجرة.

فإنّه بالشرط الأوّل يخرج العامل غير المسلم. وبالثّاني ما لا يختص المسلم بفعله؛ كبناء الجسور، والقناطر، والمساجد، ونحوها، فإن هذه الأعمال يعملها المسلم والكافر. الثّالث ما لا يكون في مصالح المسلمين؛ فلا يؤخذ عليه الرزق من بيت المال.

ولهذا جاز للإمام الاستئجار على النفع الّذي لا يختص المسلم بفعله دون الكافر. قال شيخ الإسلام: "ومأخذ العلماء في عدم جواز الاستئجار على هذا النفع: أن هذه الأعمال يختص أن يكون فاعلها من أهل القرب بتعليم القرآن، والحديث،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015