من خلال ما ذكر من أدلة وما ورد عليها من مناقشات يتبين رجحان القول الأوّل القاضي يحواز أخذ الرزق على الإفتاء مطلقًا سواء أكان المفتي غنيًا أم فقيرًا تعينت عليه الفتوى أم لا وذلك لما يأتي:
أوَّلًا: قوة ما استدل به أصحاب هذا القول وتعود قوته لما يأتي:
1 - أن منصب الإفتاء كان يقوم به النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - وكانت كفايته - صلّى الله عليه وسلم - من بيت المال.
2 - أن هذا المنصب كان يناط بالخلفاء وأئمة المسلمين، وكانوا يأخذون الأرزاق من بيت المال، وهذا محل اتفاق كما سبق فهذا القول جاء متمشيًا مع أصول الشربعة، وما جرى عليه العمل عند المسلمين منذ عهد النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - وإلى يومنا هذا.
3 - أن أموال بيت المال مخصصة للمصلحة العامة والإفتاء من أعظم مصالح المسلمين لشدة حاجة المسلمين إليه لما فيه من بيان الأحكام الشرعية، والقيام بواجب البلاغ لدين الله عَزَّ وَجَلَّ.
ثانيًا: أنّه أمكن مناقشة ما استدل به أصحاب القول الآخر بما يضعف من دلالته.
ثالثًا: أن المفتي قد حبس نفسه لمصلحة المسلمين فكانت كفايته عليهم لقيام مصالحهم (?).