ثانيًا: أن المراد بالآية هو الإشهاد على مقدار ما أنفقه الوصي على اليتيم حتّى إذا وقع خلاف أمكن إقامة البينة (?).
ما روي عن عمر بن الخطّاب - رضي الله عنه - أنّه قال: إنِّي أنزلت نفسي من مال الله بمنزلة والي اليتيم، إن احتجت أخذت منه فإذا أيسرت رددته، وإن استغنيت استعففت (?).
حيث دل قول عمر - رضي الله عنه - على أن ما يأخذه الوصي من مال اليتيم إذا احتاج إلى ذلك إنّما هو على سبيل القرض بدليل قوله: "فإذا أيسرت رددته".
ناقش الإمام القرطبي في تفسيره هذا الاستدلال فقال: "إجماع الأُمَّة على أن الإمام الناظر للمسلمين لا يجب عليه غرم ما أكل بالمعروف؛ لأنَّ الله تعالى قد فرض سهمه في مال الله، فلا حجة لهم في قول عمر (فإذا أيسرت قضيت) أن لو صح" (?).
قالوا: إنَّ أكل الوصي من مال اليتيم، استباحة بالحاجة من مال غيره، فلزمه قضاؤه كالمضطر إلى طعام غيره (?).
مناقشة الاستدلال:
نوقش هذا الاستدلال بأنّه قياس مع الفارق، فإن المضطر إلى طعام غيره يكون العوض واجبًا عليه في ذمته؛ ولأنّه لم يأكله عوضًا عن شيء والوصي بخلافه (?).