فكانت حاجتهم إلى التحكيم ضرصرة، وقد لا يوجد المحتسب فيتعطل هذا المنصب فتكثر العداوة والبغضاء بين النَّاس وربما تسفك الدماء.
استدل أصحاب هذا القول بما يأتي:
قالوا: إنَّ التحكيم عمل مباح، لا يتعين عليه، فجاز أخذ الأجرة عليه كسائر الأعمال المباحة (?).
قالوا: يجوز للمحكم أخذ الجعل على التحكيم كالقاضي لحاجة النَّاس ولئلا يتعطل هذا المنصب وتضييع الحقوق (?).
القياس على القاسم، فكما أنّه يجوز للقاسم أخذ الأجرة على القسمة فكذلك المحكم، بجامع أن عمل كلّ منهما يؤدِّي إلى فض النزاع بين المتخاصمين، وليس لهما رزق من بيت المال على هذا العمل (?).
الّذي يظهر من خلال ما سبق هو رجحان القول الأوّل القاضي بجواز أخذ الجعل على التحكيم، لقوة ما علل به هؤلاء، وللفارق بين المحكم والقاضي، ولكون التحكيم عمل لا يلزم كلا الطرفين فهو أقرب إلى المباحات، والله تعالى أعلم.