فأجاب عليه الصّلاة والسلام بقوله: (تكفى همك) (?) أو نحو هذا اللّفظ، فهذا نصّ فيما ذهبنا إليه (?).
يمكن مناقشة هذا الوجه بأن المراد بالصلاة هنا هي الصّلاة على رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - والدعاء، لا الصّلاة الشرعية، والصلاة على النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - والدعاء له نحن مأمورون به، بالنص كما في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)} [الأحزاب: 56] وغير ذلك من النصوص، فهذا أمر خاص بالنبي - صلّى الله عليه وسلم - ونحن مأمورون به بخلاف غيره من أمته (?).
ثالثًا: إنَّ الإيثار بالقرب يدلُّ على قلة الرغبة فيها، والتأخر عن فعلها، فلو ساغ الإيثار بها لأفضى إلى التكاسل والتأخر بخلاف إهداء ثوابها، فإن العامل يحرص عليها لأجل ثوابها لينتفع به، أو ينفع به أخاه المسلم، فبينهما فرق ظاهر (?).
قالوا:. إنَّ الإهداء حوالة، والحوالة: إنّما تكون بحق لازم، والأعمال لا توجب الثّواب، وإنّما هو مجرد تفضل الله وإحسانه، فكيف يحيل العبد على مجرد الفضل الّذي لا يجب على الله، بل إن شاء آتاه، وإن لم يشأ لم يؤته، وهو نظير حوالة الفقير على من يرجو أن يتصدق عليه، ومثل هذا لا يصح إهداؤه وهبته (?).