استدل القرطبي في تفسيره بهذه الآية على المنع من أخذ الأجرة على تعليم القرآن، فقال: "وهذه الآية وإن كانت خاصّة ببني إسرائيل فهي تتناول من فعل فعلهم فمن أخذ رشوة على تغيير حق أو إبطاله أو امتنع من تعليم ما وجب عليه أو أداء ما علمه وقد تعين عليه حتّى يأخذ عليه أجرا فقد دخل في مقتضى الآية" (?).
أجاب القرطبي عن وجه الاستدلال بهذه الآية بجوابين:
الأوّل: أن المراد بالآية بنو إسرائيلا، وشرع من قبلنا هل هو شرع لنا فيه خلاف وهو لا يقول به (?)، وعليه فلا حجة لهم في الآية.
الثّاني: أن الآية فيمن تعين عليه التعليم فأبى حتّى يأخذ عليه أجرًا، فأمّا إذا لم يتعين عليه، فيجوز له أخذ الأجرة بدليل السُّنَّة في ذلك، وقد يتعين عليه إلّا أنّه ليس عنده ما ينفقه على نفسه ولا على عياله فلا يجب عليه التعليم، وله أن يقبل على صنعته وحرفته (?).
الدّليل الثّالث:
قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [البقرة: 159].
والكلام حول هذه الآية من حيث وجه الاستدلال والمناقشة كالآية السابقة ولا فرق (?).