الدّليل الثّاني: قالوا: إنَّ الجهاد، دان كان فرضًا على الكفاية، فكل من باشره يكون مؤديًا فرضًا، والاستئجار على أداء الفرض باطل، كالاستئجار للصلاة (?).
الدّليل الثّالث: قالوا: إنَّ الجهاد عمل يختص فاعله أن يكون من أهل القربة، فلا تصح الإجارة عليه، كالصلاة (?).
الدّليل الرّابع: قالوا: إنَّ الجهاد حق لله تعالى، فلا يجوز أخذ الأجرة عليه (?).
بعد عرض أقوال الفقهاء في هذه المسألة، وذكر أدلتهم، وبيان ما ورد عليها من مناقشات، يتبين أن القول القاضي بالمنع من الاستئجار على الجهاد هو الراجح، ويعود هذا الترجيح إلى الأسباب التالية:
أوَّلًا: قوة القول القاضي بالمنع لقوة أدلته، حيث جاءت الأدلة الّتي عللوا بها متفقة مع أصول الشّرع، وقواعده العامة، ومن ذلك أن فروض الأعيان الّتي تطلب من كلّ فرد بعينه، لا يجوز لغيره فعلها عنه كما في صلاة الإنسان لنفسه، وحجه لنفسه، وصيامه لنفسه، ومن ذلك: الجهاد، فإن الأئمة متفقون على أنّه إذا حضر الصف تعين عليه، فكيف يسوغ له بعد ذلك أخذ العوض عليه.
ثانيًا: ضعف ما استدل به المجيزون، فإنّه أمكن مناقشة جمجع ما استدلوا به من أحاديث، وأدلة عقلية ممّا أضعف من دلالتها، وأخرجها عن حجيتها.
ثالثًا: أنّه لا حاجة بالمرء لأنّ ياخذ أجرًا على غزوه، وذلك لما يأتي: