إنَّ قياس الجهاد على بناء المساجد قياس مع الفارق؛ فلا يصح. وبيان ذلك:
1 - أن الجهاد فرض على المسلمين في الجملة؛ فهو إمّا فرض كفاية، وإما فرض عين، فإذا كان الجهاد بهذه المثابة فهو من هذا الجانب قربة يختص بفعلها المسلم دون الكافر، وأمّا جواز فعله من الكافر فمحل خلاف بين العلماء في جواز الاستعانة بالكفار في الحرب مع المسلمين، وإن جاز فللضرورة، وحكم الضّرورة حكم خاص يختلف عن الحكم في الحالات العادية (?).
ثمّ إنَّ فعل الكفار حين الاستعانة بهم ليس بجهاد، فإن الجهاد ينال به الثّواب، والكافر ليس من أهل الثّواب، والجهاد ممّا يتقرب به العبد إلى ربه، وهم لايتقربون بذلك، بخلاف المسلم (?).
2 - أن القياس على بناء المساجد لا يصح؛ لأنّ البناء ممّا لا يختص بفعله المسلم، وفعل البناء في نفسه ليس بقربة، ولهذا جاز فعله من الكافر (?).
الدّليل الثّاني: قالوا: إنَّ الجهاد إذا كان فرض كفاية فإنّه لا يتعين عليه، فيجوز أن يؤجر نفسه عليه، كالعبد (?).