قالوا: إنَّ الصحابي لم يقرأ القرآن هنا بغرض القربة، بل للتداوي؛ فهو كصنعة الطب، وغيرها من الصنائع. وعليه، فلا حجة فيه على جواز الاستئجار على القرآن، وغيره من القرب، ومنها الحجِّ (?).
الدّليل الأوّل: قالوا: إنَّ الحجِّ يجوز أخذ النفقة عليه، فجاز الاستئجار عليه؛ كبناء الساجد، والقناطر (?).
مناقشة الاستدلال:
أوَّلًا: لا يلزم من جواز أخذ النفقة جواز أخذ الأجرة، بدليل القضاء، والشهادة، والإمامة، يؤخذ عليها الرزق من بيت المال، وهو نفقة في المعنى، ولا يجوز أخذ الأجرة عليها (?).
ثانيًا: أن القياس على بناء المساجد والقناطر قياس مع الفارق؛ فإن بناء المساجد والقناطر لا يختص فاعله أن يكون من أهل القربة، ويجوز أن يقع قربة، وغير قربة، بخلاف الحجِّ، فإنّه يختص فاعله أن يكون من أهل القربة، ولايصح هاهنا أن يكون غير عبادة (?).
الدّليل الثّاني: قالوا: إنَّ الحجِّ عبادة لها تعلّق بالمال، فصحت النيابة فيها بالأجرة، كالزكاة (?).