أوَّلًا: أن هذا الحديث، وما في معناه من الأحاديث الّتي جاءت بالوعيد على أخذ الأجرة على تعليم القران ليس فيها تصريح بالمنع على الإطلاق، بل هي وقائع أحوال محتملة التّأويل. لتوافق الأحاديث الصحيحة الواردة في جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن، وهي في الصحيح (?).
ثانيًا: أن هذا الحديث، وما في معناه من الأحاديث، ليس فيها ما تقوم به الحجة؛ فلا تنهض لمعارضة الأحاديث الصحيحة الصريحة الدالة على جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن، وهي في الصحيح، وقد تقدّم ذكر ذلك (?).
الدّليل الثّالث: حديث عثمان بن أبي العاص، قال: قلت: يا رسول الله، اجعلني إمام قومي؛ قال - صلّى الله عليه وسلم -: (أنت إمامهم، واقتد بأضعفهم، واتخذ موذنًا لا يأخذ على أذانه أجرًا) (?).
وفي رواية أخرى: قال عثمان - رضي الله عنه -: (إنَّ من آخر ما عهد إليّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - أن أتخذ مؤذنًا لا يأخذ على أذانه أجرًا) (?).
وجه الاستدلال من هذه الروايات كسابقتها، حيث نهى رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - عن أخذ الأجرة على الأذان، فدل على التّحريم، والأذان قربة، فكذلك الحجِّ، بجامع القربة في كلّ. وعليه، فلا يجوز أخذ الأجرة عليه.