وعليه، فالطعام الفاسد، ولحم الميِّتة، ليسا بمالٍ؛ لأنّه لا ينتفعٍ بهما أصلًا. وحبة القمح، وقطرة الماء ليستا بمال , لأنّهما لا ينتفع بهما انتفاعًا معتادًا. والمراد بالانتفاع هنا: هو الانتفاع الشروع في حالة السعة، والاختيار، دون حالة الضّرورة، فجواز الانتفاع بلحم الميِّتة في حال الضّرورة لا يجعل منه مالًا. وليس المقصود بالانتفاع هنا انتفاع النَّاس كافة. بل يكفي انتفاع بعضهم.

وعليه، فلا تزول مالية الشيء إِلَّا إذا ترك النَّاس كلهم تموُّله، ولم تكن له منفعة أصلًا، أمّا إذا ترك بعض النَّاس تموله، وبقي منتفعًا به عند بعضهم فلا تزول ماليته كالملابس القديمة الّتي يستعملها بعض النَّاس دون البعض الآخر" (?).

ثانيًا: المال في اصطلاح الجمهور:

تقدّم معنا أن اختلاف الجمهور مع الحنفية في تعريف المال في الاصطلاح راجع إلى أن الحنفية لا يرون مالية المنافع، بخلاف الجمهور، الّذي يرى أن المنافع أموال. وعليه، فإن تعريف الجمهور للمال سيكون أوسع من تعريف الحنفية، حيث يشتمل على المنافع، بل تتسع دائرة الأموال عند الجمهور لتشمل ما يُعرف في هذا العصر بالحقوق المعنوية. وسأذكر جملة من تعربفات الجمهور للمال ثمّ أذكر التعريف المختار.

أوَّلًا: المال عند المالكية:

التعريف الأوّل: عرّفه ابن عبد البرّ (?) بقوله: "المعروف من كلام العرب: أن كلّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015