الدّليل الأوّل: القياس على الرزق: وحاصل ذلك: أن الإمام كما يجوز له إعطاء الرزق على الأذان فكذلك يجوز له إعطاء الأجرة عليه، بجامع حصول المصلحة في كلٍ.
قال النووي: "وإذا جوزنا للإمام الاستئجار من بيت المال، فإنّما يجوز حيث يجوز الرزق، خلافًا ووفاقًا" (?).
ومعلوم أن ما تحت يد الإمام من أموال بيت المال، مصروف في وجوه المصالح الماسّة، والأذان منها (?).
يمكن مناقشة هذا القياس بما يأتي:
أوَّلًا: قبل مناقشة هذا القياس يمكن مناقشة هذا القول بما يأتي:
إنَّ حصركم جواز الاستئجار على الأذان والإقامة في الإمام، أو من أذن له الإمام يؤدِّي إلى الحرج والضيق على المسلمين، وبيان ذلك: أننا لو سلمنا لكم قولكم هذا في حالة وجود الإمام، وتوفر المال تحت يد الإمام فإننا لا نسلم لكم ذلك في حالة عدم وجود الإمام، أو في حالة وجوده، ولكن قلّت الأموال في بيت المال، أو عدمت، فإنّه في هذه الحالة يلحق المسلمين ضيق وحرج، حيث يترتب على ذلك تعطل هذه الشعيرة، وهم في أشد الحاجة إليها، وكذلك تتعطل المساجد، وهذا خلاف ما أمر الله سبحانه وتعالى به (?)؛ قال تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ ...} [النور: 36، 37].