وقوله: وإنَّ لم يتوقف على نيّة: قيد ذكِرَ لبيان أن من القرب ما لا يشترط فيه النية، ومنها ما يشترط فيه ذلك، فأمّا ما لا يشترط فيه النية فنحو: القرب الّتي لا لبس فيها كالإيمان بالله تعالى، وتعظيمه، وإجلاله، والخوف، والرجاء، والتوكل، والتسبيح، وقراءة القرآن، ونحو ذلك:

قال القرافي: "القربات الّتي لا لبس فيها لا تحتاج إلى نيّة؛ كالإيمان بالله تعالى، وتعظيمه، وإجلاله، والخوف من نقمه، والرجاء لنعمه، والتوكل على كرمه، والحياء من جلاله، والمحبة لجماله، والمهابة من سلطانه.

وكذلك التسبيح، والتهليل، وقراءة القرآن، وسائر الأذكار، فإنها متميزة لجنابه سبحانه وتعالى ... " (?).

وأمّا القربات الّتي تحتاج إلى نيّة، وهي العبادات من صلاة، وصيام، وحج، وغيرها، سواء أكانت واجبة، أم مندوبة، فلابد فيها من نيّة؛ لأنّ سورة فعلها ليست كافية في تحصيل المصلحة المقصودة منها، وهي تعظيم الرب سبحانه وتعالى، والخضوع له، وإنّما يحصل ذلك إذا قصدت من أجله؛ لأنّ التعظيم بالفعل دون قصد المعظم محال، ولذلك اشترطت في هذه العبادات النية، وهي إخلاص العمل لله سبحانه وتعالى (?).

وقد شرعت النية في هذا القسم لأمرين:

الأوّل: تمييز العبادات عن العادات.

فمثلًا: الغُسْل قد يكون تبردًا، وقد يكون عبادة شرعية، ولا يميز بينهما إِلَّا النية، وكذلك الذَّبح، قد يكون لمجرد الأكل، وقد يكون للتقرب إلى الله تعالى بإراقة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015