والصحيح في هذه المسائل عدم وجوب الإعادة، لأنَّ الله تعالى عفا عن الخطأ والنسيان، ولأنَّه قال: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15)} [الإسراء: 15] فمن لم يبلغه أمر الرسول في شيءٍ معينٍ لم يثبت حكم وجوبه عليه، ولهذا لم يأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - عمر وعمارًا لمَّا أجنبا فلم يصلِّ عمر، وصلَّى عمار بالتمرُّغ، أن يعيد واحد منهما، وكذلك لم يأمر أبا ذر [بالإعادة] (?) لمَّا كان يجنب ويمكث لا يصلَّي، وكذلك لم يأمر من أكل من الصحابة حتَّى يتبيَّن [له] (?) الحبل الأبيض من الحبل الأسود بالقضاء، كما لم يأمر من صلَّى إلى بيت المقدس قبل بلوغ النسخ لهم بالقضاء.
ومن هذا الباب المستحاضة إذا مكثت مدَّةً لا تصلَّي لاعتقادها عدم وجوب الصلاة عليها، ففي وجوب القضاء عليها قولان:
أحدهما: لا إعادة عليها، كما نقل عن مالكٍ وغيره، لأنَّ المستحاضة التي قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إنِّي استحاض حيضةً شديدةً [كبيرةً] (?) منكرةً منعتني الصلاة والصيام، أمرها بما يجب في المستقبل، ولم يأمرها بقضاء الماضي).
قال شيخنا: (وقد ثبت عندي بالنقل المتواتر أنَّ في النساء والرجال بالبوادي وغير البوادي من يبلغ ولا يعلم أنَّ الصلاة عليه واجبة، بل إذا قيل للمرأة: صلِّي، تقول: حتَّى أكبر وأصير عجوز، ظانةً أنَّه لا يخاطب بالصلاة إلَّا المرأة الكبيرة، كالعجوز ونحوها.