قال: (وحَذف- "الواو" في مثل هذا دليلٌ على أنَّها صفةٌ بعد صفة ليست حالًا، وبهذا يظهر كمال المعنى وحسنه، فإنَّ قوله: {مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ} [آل عمران: 146] أي: هم يتَّبعونه سواءً كانوا معه حين قتل أو لم يكونوا، والمعنى على الأوَّل، لأنَّ المقصود أنَّ جميع أتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - لم [يرتدوا] (?) -لا من شهد مقتله ولا من غاب-، فإنَّ المقصود أنَّ قَتْلَ النبيِّ لا يغيِّر الإيمان من قلوب أتباعه) (?).
132 - وقال بعد أن ذكر قوله تعالى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172)} [الصافات: 171، 172] قال: (وهذا يشكل على بعض الناس، فيقول: الرسل قد قتل بعضهم، فكيف يكونون [منصورين] (?)؟ فيقال: القتل إذا كان على وجهٍ فيه عزة الدين وأهله كان هذا من كمال النصر، فإنَّ الموت لا بدَّ منه، فإذا مات ميتةً يكون بها سعيدًا في الآخرة فهذا غاية النصر، كما كان حال نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - فإنَّه استشهد طائفةٌ من أصحابه فصاروا إلى أعظم كرامةٍ، ومن بقي كان عزيزًا منصورًا، وكذلك كان الصحابة يقولون للكفار: أخبرنا نبيُّنا أنَّ من قتل منَّا دخل الجنة، ومن عاش منَّا ملك رقابكم.
فالمقتول إذا قتل على هذا الوجه كان ذلك من تمام نصره ونصر أصحابه، ومن هذا الباب حديث الغلام الذي رواه مسلم، لمَّا اتَّبع دين الراهب وترك دين الساحر، وأرادوا قتله مرةً بعد مرةٍ [فلم يستطيعوا] (?)، حتى أعلمهم بأنَّه يقتل [إذا قال الملك: بسم الله رب الغلام. ثمَّ