96 - قال شيخنا: (فواتح السور تناسب خواتمها، وذلك تناسبٌ مظنونٌ، كما أنَّ "البقرة" أُفتتحت بذكر الكتاب وأنَّه هدى للمتقين، وذكر في ذلك (?) الإيمان بما أنزل إلينا وما أنزل على من قبلنا، ووُسِّطت بمثل ذلك، وختمت بمثل ذلك، في قوله تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيهِ مِنْ رَبِّهِ} [البقرة: 285] إلى آخر السورة.
وكان في "البقرة" مخاطبةً: لجميع الخلق حتَّى يدخل فيه من لم يؤمن بالرسل عمومًا؛ ولمن أقرَّ بهم خصوصًا؛ وللمؤمنين بالجميع خصوص الخصوص؛ ففيها خطاب الأصناف الثلاثة.
وأمَّا "آل عمران" فالغالب عليها مخاطبة من أقرَّ بالرسل من أهل الكتاب، ومخاطبة المؤمنين، فافتتحها سبحانه بذكر وحدانيَّته ردًّا على المشركين من النصارى وغيرهم، وذكر تنزيل الكتاب، وذكر ضلال من اتَّبع المتشابه، ووسَّطها بمثل ذلك، وختمها بقوله: {لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ} [آل عمران: 199].
وأمَّا السور المكِّية -كالأنعام والأعراف وغيرهما-[ففيها مخاطبة] (?) الناس، الذين يدخل فيهم: المكذِّب بالرسل، [والمقرُّ بهم] (?)، ولهذا كانت السور المكِّية في تقرير أصول الدين [التي] اتَّفق عليها المرسلون، بخلاف السور المدنيَّة، فإنَّ فيها مخاطبة أهل الكتاب -الذين آمنوا ببعض الكتب-، ومخاطبة المؤمنين- الذين آمنوا بالله