فكساه إياها، وقال: هذه لك بطول السهر. قالت: فوالله لقد كنت أراهتعني: محمد بن جحادة بعد ذلك فأتخايلها عليه. تعني تلك الحلة.
قال كرز بن وبرة: بلغني أن كعباً قال: إن الملائكة ينظرون من السماء إلى الذين يتهجدون بالليل كما تنظرون أنتم إلى نجوم السماء.
يا نفسُ فازَ الصالحون بالتُّقى ... وأبصرُوا الحقَّ وقلبي قد عُمي
يا حسنهُم والليل قد جنَّهم ... ونورهم يفوقُ نورَ الأنجُمِ
ترنّموا بالذكر في ليلهم ... فعيشهم قد طاب بالترنُّمِ
قلوبهم للذكر قد تفرّغت ... دموعهم كلؤلؤٍ مُنظَّمِ
أسحارهم بهم لهم قد أشرقت ... وخِلعُ الغفران خيرُ القِسَمِ
في بعض الآثار يقول الله عز وجل كل ليلة: يا جبريل أقم فلاناً وأنم فلاناً. قام بعض الصالحين في ليلة باردة، وكان عليه خلقان رثّة فضربه البرد فبكى، فسمع هاتفاً يقول: أقمناك وأنمناهم، ثم تبكي!.
تنبّهوا يا أهلَ وادي المنحنى ... كم ذا الكرى، هبّ نسيمُ وجدي
كم بين خالٍ وجَوّ وساهرٍ ... وراقدٍ وكاتمٍ ومُبدي
قيل لابن مسعود: ما نستطيع قيام الليل. قال: أبعدتكم ذنوبكم.
وقيل للحسن: أعجزنا قيام الليل. قال: قيدتكم خطاياكم. إنما يؤهل الملوك للخلوة ومخاطبتهم من يخلص في ودادهم ومعاملتهم، فأما من كان من أهل مخالفتهم فلا يرضونه لذلك:
الليلُ لي ولأحبابي أُحادِثُهم ... قد اصطفيتهم كي يسمعوا ويَعُوا
لهم قلوبٌ بإسرارٍ لها مُلئت ... على وِدادي وإرشادي لهم طُبِعوا
قد أثمرت شجراتُ الفهمِ عندَهم ... فما جَنوا إذ جَنَوا مما به ارتفعوا
سُرُّوا فما وهِنوا عجزاً وما ضَعُفُوا ... وواصَلُوا حبلَ تقريبي فما انقطعوا