ينبغي لمن يقوم لله أن يكون ذليلاً، فبكى الفضيل، وقال له: صدقت. قال شعيب بن حرب: ربما مر سفيان الثوري بقوم يلعبون الشطرنج، فيقول: ما يصنع هؤلاء؟ فيقال له: يا أبا عبد الله ينظرون في كتاب. فيُطأطيء رأسه ويمضي، وإنما يريد بذلك ليُعلم أنه قد أنكر. وقال سفيان: لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر إلا من كان فيه خصال ثلاث: رفيق بما يأمر، رفيق بما ينهى، عدل بما يأمر، عدل بما ينهى، عالم بما يأمر، عالم بما ينهى. وقال الإمام أحمد: الناس يحتاجون إلى مداراة ورفق في الأمر بالمعروف بلا غلظة إلا رجلاً معلناً بالفسق فإنه لا حرمة له.
وكان كثير من السلف لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر إلا سراً فيما بينه وبين من يأمره وينهاه. وقالت أم الدرداء: من وعظ أخاه سراً فقد زانه، ومن وعظه علانية فقد شانه.
وكذلك مقابلة الأذى بإلانة القول كما قال تعالى: (ادفعْ بالتي هيَ أحسنُ) ، وقال تعالى: (ويدرَؤُن بالحسنةِ السيئةَ أولئك لهم عُقْبى الدارِ) ، قال بعض السلف: هو الرجل يسبه الرجل فيقول له: إن كنت صادقاً فغفر الله لي، وإن كنت كاذباً فغفر الله لك. قال رجل لسالم بن عبد الله وقد زحمت راحلتُه راحلتَه في سفر: ما أراك إلا رجل سوء. فقال له سالم: ما أراك أبعدت.
وقالت امرأة لمالك بن دينار: يا مُرائي!. قال: متى عرفت اسمي؟! ما عرفه أحد من أهل البصرة غيرك. ومر بعضهم على صبيان يلعبون بجوز،