الفرع الخامس: في الذي يتولى إبرام عقد الذمة من المسلمين
اتفق الفقهاء على أن الذي يتولى إبرام عقد الذمة هو الإمام أو نائبه، لأنه عقد مؤبد، وللتأبيد خطورته وآثاره على الأمة الإسلامية لذا فإنه يحتاج أن يكون العاقد حسن التصرف ذا تقدير للمصلحة العامة للمسلمين، وهذا لا يمكن حصوله إلا من الإمام أو من يقوم مقامه.1
قال ابن قدامة: "ولا يصح عقد الذمة إلا من الإمام أو نائبه، ولا نعلم فيه خلافاً، لأن ذلك يتعلق بنظر الإمام وما يراه من المصلحة، ولأن عقد الذمة عقد مؤبد، فلم يجز أن يفتات به على الإمام فإن فعله غير الإمام أو نائبه لم يصح".2
وقال الشيرازي: "لا يصح عقد الذمة إلا من الإمام أو ممن فوض إليه الإمام، لأنه من المصالح العظام، التي تحتاج إلى نظر واجتهاد".3
وقد ذهب بعض المالكية إلى أنه إن تولى عقد الذمة غير الإمام تحقق مقتضاه فيأمنون ويسقط عنهم القتل والأسر، لكن استمرار هذا العقد منوط بتقدير الإمام لأنه صاحب الحق في إمضائه أو إبطاله".4