فمن أجل ذلك يكون ذليلاً ومهاناً عند إعطاء الجزية، التي هي عقوبة على الكفر، فإذا كان الكفر ذلاً وحقارةً فكيف بصاحبه الذي يرتضيه دينا ويأبى سواه وهو الإسلام ذو الرفعة والعزة والكرامة.

وما قيل من أن الصغار ليس هو الذل والهوان كما قال النووي: "تؤخذ الجزية برفق كأخذ الديون، فالصواب الجزم بأن هذه الهيئة باطلة ومردودة على من اخترعها وهي بأن الصغار الذل والهوان" 1. وقد وافقه الكثير من العلماء المعاصرين على أن الجزية ليست عقوبة ولوناً من ألوان العقاب على الكفر أو عدم الإيمان بالله، وليست إذلالاً لغير المسلمين وإنما هي كرامة لأهل الكتاب.2

ولكن يمكن أن يقال لمن قال: بأن الصغار ليس المراد به في الآية الذل والهوان بأن الذل والهوان هو المعنى الدائم الصغار لا ينفك عنه، وهذا هو ما اتفقت عليه أقوال جماهير أهل العلم.

حتى أن البعض قال: إن الله سبحانه وتعالى مد القتال إلى غاية وهي إعطاء الجزية مع الصغار وهو الذل والهوان.

فإذا كانت حالة النصراني وغيره من أهل الجزية، منافية للذل والهوان، بأن كانت حالته يتكبر، ويتبختر عند إعطاء الجزية، فلا عصمة لدمه، ولا ماله، وليست له ذمة، ومن هذا شرط عليهم الفاروق عمر بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015