اختلاف الحديث (صفحة 82)

وَذَكَرَ مَالِكٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَامَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ كَانَ الْفَرِيضَةَ، وَتَرَكَ عَاشُورَاءَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَحْتَمِلُ قَوْلُ عَائِشَةَ: تَرَكَ عَاشُورَاءَ، مَعْنًى يَصِحُّ إِلَّا تَرَكَ إِيجَابَ صَوْمِهِ، إِذْ عَلِمْنَا أَنَّ كِتَابَ اللَّهِ بَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ شَهْرَ رَمَضَانَ الْمَفْرُوضُ صَوْمُهُ، وَأَبَانَ لَهُمْ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ، وَتَرَكَ إِيجَابَ صَوْمِهِ، وَهُوَ أَوْلَى الْأُمُورِ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ وَمُعَاوِيَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكْتُبْ صَوْمَ يَوْمِ عَاشُورَاءَ عَلَى النَّاسِ، وَلَعَلَّ عَائِشَةَ إِنْ كَانَتْ ذَهَبَتْ إِلَى أَنَّهُ كَانَ وَاجِبًا ثُمَّ نُسِخَ، قَالَتْهُ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ رَأَتِ النَّبِيَّ لَمَّا صَامَهُ وَأَمَرَ بِصَوْمِهِ كَانَ صَوْمُهُ فَرْضًا، ثُمَّ نَسَخَهُ تَرْكُ أَمْرِهِ، فَمَنْ شَاءَ أَنْ يَدَعَ صَوْمَهُ، وَلَا أَحْسَبُهَا ذَهَبَتْ إِلَى هَذَا، وَلَا ذَهَبَتْ إِلَّا إِلَى الْمَذْهَبِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ مُوَافِقٌ الْقُرْآنَ، أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ الصَّوْمَ فَأَبَانَ أَنَّهُ شَهْرُ رَمَضَانَ، وَدَلَّ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ وَمُعَاوِيَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مِثْلِ مَعْنَى الْقُرْآنِ، بِأَنْ لَا فَرْضَ فِي الصَّوْمِ إِلَّا رَمَضَانَ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَا عَلِمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَامَ يَوْمًا يَتَحَرَّى فَضْلَهُ عَلَى الْأَيَّامِ إِلَّا هَذَا الْيَوْمَ، يَعْنِي يَوْمَ عَاشُورَاءَ، كَأَنَّهُ يَذْهَبُ يَتَحَرَّى فَضْلَهُ فِي التَّطَوُّعِ بِصَوْمِهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015