بَابُ الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْغُسْلَ لَا يَجِبُ إِلَّا بِخُرُوجِ الْمَاءِ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَخَالَفَنَا بَعْضُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ مِنْ أَهْلِ نَاحِيَتِنَا وَغَيْرُهُمْ فَقَالُوا: لَا يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ إِذَا بَلَغَ مِنِ امْرَأَتِهِ مَا شَاءَ الْغُسْلُ حَتَّى يَأْتِيَ مِنْهُ الْمَاءُ الدَّافِقُ، وَاحْتَجَّ فِيهِ بِحَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَغَيْرِهِ مِمَّا يُوَافِقُهُ، وَقَالَ: أَمَّا قَوْلُ عَائِشَةَ: «فَعَلْتُهُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ فَاغْتَسَلْنَا» ، فَقَدْ يَكُونُ تَطَوُّعًا مِنْهُمَا بِالْغُسْلِ، وَلَمْ تَقُلْ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: عَلَيْهِ الْغُسْلُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقُلْتُ لَهُ: الْأَغْلَبُ أَنَّ عَائِشَةَ لَا تَقُولُ: «إِذَا مَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ، أَوْ جَاوَزَ الْخِتَانُ الْخِتَانَ، فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ» ، وَتَقُولُ: «فَعَلْتُهُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ فَاغْتَسَلْنَا» ، إِلَّا خَبَرًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ بِوُجُوبِ الْغُسْلِ مِنْهُ، قَالَ: فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لَمَّا رَأَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اغْتَسَلَ اغْتَسَلَتْ وَرَأَتْهُ وَاجِبًا، وَلَمْ تَسْمَعْ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيجَابَهُ، فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَلَيْسَ هَذَا خَبَرًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: الْأَغْلَبُ أَنَّهُ خَبَرٌ عَنْهُ، قَالَ: وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ فَلَيْسَ مِمَّا يُثْبِتُهُ أَهْلُ الْحَدِيثِ، وَهُوَ لَا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ، فَقُلْتُ لَهُ: فَإِنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ قَدْ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ: الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ، بَعْدَ قَوْلِهِ بِهِ عُمْرًا مِنْ عُمْرِهِ، وَهُوَ يُشْبِهُ أَنْ لَا يَكُونَ رَجَعَ إِلَّا بِخَبَرٍ يَثْبُتُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِنَّ هَذَا لَأَقْوَى فِيهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَمَا هُوَ بِالْبَيِّنِ، وَقُلْتُ لَهُ: مَا أَعْلَمُ عِنْدَنَا مِنْ جِهَةِ الْحَدِيثِ شَيْئًا أَكْبَرَ مِنْ هَذَا، قَالَ: فَمِنْ جِهَةِ غَيْرِ الْحَدِيثِ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: 43] إِلَى قَوْلِهِ: {حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: 43] ، فَكَانَ الَّذِي يَعْرِفُهُ مَنْ خُوطِبَ بِالْجَنَابَةِ مِنَ الْعَرَبِ أَنَّهَا الْجِمَاعُ دُونَ الْإِنْزَالِ، وَلَمْ تَخْتَلِفِ الْعَامَّةُ أَنَّ الزِّنَا الَّذِي يَجِبُ بِهِ الْحَدُّ الْجِمَاعُ دُونَ الْإِنْزَالِ، وَأَنَّ مَنْ غَابَتْ حَشَفَتُهُ فِي فَرْجِ امْرَأَةٍ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ، وَكَانَ الَّذِي يُشْبِهُ أَنَّ الْحَدَّ لَا يَجِبُ إِلَّا عَلَى مَنْ أَجْنَبَ مِنْ حَرَامٍ، وَقُلْتُ لَهُ: قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: حَدِيثُ أُبَيٍّ: «إِذَا جَامَعَ أَحَدُنَا فَأَكْسَلَ أَنْ يُنْزِلَ» ، أَنْ يَقُولَ: إِذَا صَارَ إِلَى الْجِمَاعِ وَلَمْ يُغَيِّبْ حَشَفَتَهُ فَأَكْسَلَ، فَلَا يَكُونُ حَدِيثُ الْغُسْلِ إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ مُخَالِفًا لَهُ، قَالَ: أَفَتَقُولُ بِهَذَا؟ فَقُلْتُ: إِنَّ الْأَغْلَبَ أَنَّهُ إِذَا بَلَغَ أَنْ يَلْتَقِيَ الْخِتَانَانِ وَلَمْ يُنْزِلْ، وَكَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الْأَغْلَبُ مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ: «فَعَلْتُهُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاغْتَسَلْنَا» ، عَلَى