نَفْسِهَا بِاعْتِرَافِهَا عِنْدَ أُنَيْسٍ، وَهُوَ وَاحِدٌ، وَأَمَرَ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ أَنْ يَقْتُلَ أَبَا سُفْيَانَ، وَقَدْ سَنَّ عَلَيْهِ إِنْ عَلِمَهُ أَسْلَمَ لَمْ يَحِلَّ لَهُ قَتْلُهُ، وَقَدْ يُحْدِثُ الْإِسْلَامَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ، وَأَمَرَ أُنَيْسًا أَوْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ - شَكَّ الرَّبِيعُ - أَنْ يَقْتُلَ خَالِدَ بْنَ سُفْيَانَ الْهُذَلِيَّ فَقَتَلَهُ، وَمِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ أَسْلَمَ أَنْ لَا يَقْتُلَهُ، وَكُلُّ هَؤُلَاءِ مِنْ مَعَانِي وُلَاتِهِ وَهُمْ وَاحِدٌ وَاحِدٌ فَتُصُوِّرَ الْحُكْمُ بِأَخْبَارِهِمْ، وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ بِعُمَّالِهِ وَاحِدًا وَاحِدًا، وَإِنَّمَا بَعَثَ عُمَّالَهُ لِيُخْبِرُوا النَّاسَ بِمَا أَخْبَرَهُمْ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ شَرَائِعِ دِينِهِمْ، وَيَأْخُذُوا مِنْهُمْ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَيُعْطُوهُمْ مَا لَهُمْ، وَيُقِيمُوا عَلَيْهِمُ الْحُدُودَ وَيُنَفِّذُوا فِيهِمُ الْأَحْكَامَ، وَلَمْ يَبْعَثْ مِنْهُمْ وَاحِدًا إِلَّا مَشْهُورًا بِالصِّدْقِ عِنْدَ مَنْ بَعَثَهُ إِلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ تَقُمِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ بِهِمْ إِذْ كَانُوا فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ وَجَّهَهُمْ إِلَيْهَا أَهْلَ صِدْقٍ عِنْدَهُمْ، مَا بَعَثَهُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَبَعَثَ أَبَا بَكْرٍ وَالِيًا عَلَى الْحَجِّ، فَكَانَ فِي مَعْنَى عُمَّالِهِ، ثُمَّ بَعَثَ عَلِيًّا بَعْدَهُ بِأَوَّلِ سُورَةِ بَرَاءَةٍ فَقَرَأَهَا فِي مَجْمَعِ النَّاسِ فِي الْمَوْسِمِ، وَأَبُو بَكْرٍ وَاحِدٌ، وَعَلِيٌّ وَاحِدٌ، وَكِلَاهُمَا بَعَثَهُ بِغَيْرِ الَّذِي بَعَثَ بِهِ صَاحِبَهُ، وَلَوْ لَمْ تَكُنِ الْحُجَّةُ تَقُومُ عَلَيْهِمْ بِبَعْثَتِهِ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِذْ كَانَا مَشْهُورَيْنِ عِنْدَ عَوَامِّهِمْ بِالصِّدْقِ، وَكَانَ مَنْ جَهِلَهُمَا مِنْ عَوَامِّهِمْ يَجِدُ مَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ أَصْحَابِهِ يَعْرِفُ صِدْقَهُمَا، مَا بُعِثَ مِنْهُمَا وَاحِدٌ فَقَدْ بَعَثَ عَلِيًّا يُعْطِيهِمْ نَقْضَ مُدَدٍ، وَإِعْطَاءَ مُدَدٍ وَنَبْذٍ إِلَى قَوْمٍ وَنَهْيٍ عَنْ أُمُورٍ وَأَمْرٍ بِأُخْرَى وَمَا كَانَ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بَلَّغَهُ عَلَى أَنَّ لَهُمْ مَدَّةَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَنْ يَعْرِضَ لَهُمْ فِي مُدَّتِهِمْ، وَلَا مَأْمُورٌ بِشَيْءٍ وَلَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ بِرِسَالَةٍ عَلَى أَنْ يَقُولَ لَهُ: أَنْتَ وَاحِدٌ، وَلَا تَقُومُ عَلَيَّ الْحُجَّةُ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ بَعَثَكَ إِلِيَّ بِنَقْضِ شِيْءٍ جَعَلَهُ لِي، وَلَا بِإحْدَاثِ شَيْءٍ لَمْ يَكُنْ لِي، وَلَا لِغَيْرِي، وَلَا بِنَهْيٍ عَنِ أَمْرٍ لَمْ أَعْلَمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللِّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهُ، وَلَا بِإِحْدَاثِ أَمْرٍ لَمْ أَعْلَمْ رَسُولَ اللَّهِ أَحْدَثَهُ، وَمَا يَجُوزُ هَذَا لِأَحَدٍ فِي شَيْءٍ قَطَعَهُ عَلَيْهِ عَلِيٌّ بِرِسَالَةِ النَّبِيِّ وَلَا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَلَا أَمَرَهُ بِهِ، وَلَا نَهَاهُ عَنْهُ، بِأَنْ يَقُولَ: لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ أَوْ يَنْقُلُهُ إِلَى عَدَدٍ أَوْ لَا أَقْبَلُ فِيهِ خَبَرَكَ وَأَنْتَ وَاحِدٌ، وَلَا كَانَ لِأَحَدٍ وَجَّهَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ عَامِلًا يَعْرِفُهُ أَوْ لَا يَعْرِفُهُ لَهُ مَنْ يُصَدِّقُهُ صَدَقَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ الْعَامِلُ: عَلَيْكَ أَنْ تُعْطِيَ كَذَا وَكَذَا، أَوْ تَفْعَلَ بِكَ كَذَا، فَيَقُولُ: لَا أَقْبَلُ هَذَا مِنْكَ؛ لِأَنَّكَ وَاحِدٌ حَتَّى أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ فَيُخْبِرَنِي أَنَّ عَلَيَّ مَا قُلْتَ إِنَّهُ عَلَيَّ، فَأَفْعَلَهُ عَنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ لَا عَنْ خَبَرِكَ. وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يُغَلِّطَ أَوْ يَجْهَلَ بَيِّنَةً عَامَّةً بِشَرْطٍ فِي عَدَدِهِمْ وَإِجَمَاعِهِمْ عَلَى الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَشَهَادَتِهِمْ مَعًا أَوْ مُتَفَرِّقِينَ، ثُمَّ لَا يَذْكُرُ أَحَدٌ مِنْ خَبَرِ الْعَامَّةِ عَدَدًا أَبَدًا إِلَّا وَفِي الْعَامَّةِ عَدَدٌ أَكْثَرُ مِنْهُ، وَلَا مِنَ اجْتِمَاعِهِمْ حِينَ يُخْبِرُونَ وَتَفَرُّقِهِمْ تَثْبِيتًا إِلَّا أَمْكَنَ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ بَعْضِ زَمَانِهِ حِينَ كَثُرَ أَهْلُ الْإِسْلَامِ، فَلَا يَكُونُ لِتَثْبِيتِ الْأَخْبَارِ غَايَةٌ أَبَدًا يَنْتَهِي إِلَيْهَا، ثُمَّ لَا يَكُونُ هَذَا لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ أَجْوَزَ مِنْهُ لِمَنْ قَالَ هَذَا، وَرَسُولُ اللَّهِ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُدْرِكُ لِقَاءَ رَسُولِ اللَّهِ، وَيُدْرِكُ ذَلِكَ لَهُ أَبُوهُ وَوَلَدُهُ وَإِخْوَتُهُ وَقَرَابَتُهُ وَمَنْ يُصَدِّقُهُ فِي نَفْسِهِ، وَيُفَضِّلُ صِدْقَهُ لَهُ بِالنَّظَرِ لَهُ، فَإِنَّ الْكَاذِبَ قَدْ يُصَدِّقُ نَظَرًا لَهُ، وَإِذَا لَمْ يَجُزْ هَذَا لِأَحَدٍ يُدْرِكُ لِقَاءَ رَسُولِ اللَّهِ، وَيُدْرِكُ خَبَرَ مَنْ يُصَدِّقُ مِنْ أَهْلِهِ وَالْعَامَّةِ عَنْهُ، كَانَ لِمَنْ جَاءَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ مِمَّنْ لَا يَلْقَاهُ فِي الدُّنْيَا أَوْلَى أَنْ لَا يَجُوزَ. وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْحُجَّةَ لَا تَثْبُتُ بِخَبَرِ الْمُخْبِرِ الصَّادِقِ عِنْدَ مَنْ أَخْبَرَهُ، فَمَا يَقُولُ فِي مُعَاذٍ إِذْ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ وَالِيًا وَمُحَارِبًا مَنْ خَالَفَهُ، وَدَعَا قَوْمًا لَمْ يَلْقَوَا النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى أَخْذِ الصَّدَقَةِ مِنْهُمْ وَغَيْرِهَا، فَامْتَنَعُوا فَقَاتَلَهُمْ، وَقَاتَلْهُمْ مَعَهُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ مَنْ قَاتَلَ مَعَهُ أَوْ أَكْثَرِهِمْ إِلَّا صِدْقُ مُعَاذٍ عِنْدَهُمْ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ بِقِتَالِهِمْ، إِذْ كَانُوا مُطِيعِينَ لِلَّهِ تَعَالَى بِنْصَرِ مُعَاذٍ وَتَصْدِيقِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتِ الْحُجَّةُ قَائِمَةً عَلَى مَنْ رَدَّ عَلَى مُعَاذٍ مَا جَاءَ بِهِ مُعَاذٌ حَتَّى قَتَلَهُ مُعَاذٌ، وَهُوَ مَحْجُوجٌ، وَمُعَاذٌ لِلَّهِ مُطِيعٌ. وَمَا يَقُولُ فِيمَنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَبْعَثُهُ فِي جُيُوشِهِ وَسَرَايَاهُ إِلَى مَنْ بَعَثَ، فَيَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ أَوْ إِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ، فَإِنْ أَبَوْا قَاتَلَهُمْ، أَكَانَ أَمِيرُ الْجَيْشِ