أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: " احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَقَالَ لِلْحَجَّامِ: «اشْكُمُوهُ» . قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مُخْتَلِفٌ، وَلَا نَاسِخٌ، وَلَا مَنْسُوخٌ، فَهُمْ قَدْ أَخْبَرُونَا أَنَّهُ قَدْ أَرْخَصَ لِمُحَيِّصَةَ أَنْ يَعْلِفَهُ نَاضِحَهُ، وَيُطْعِمَهُ رَقِيقَهُ، وَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمْ يُجِزْ رَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِمُحَيِّصَةَ أَنْ يَمْلِكَ حَرَامًا، وَلَا يَعْلِفَهُ نَاضِحَهُ، وَلَا يُطْعِمَهُ رَقِيقَهُ، وَرَقِيقُهُ مِمَّنْ عَلَيْهِ فُرِضَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ، وَلَمْ يُعْطِ رَسُولُ اللَّهِ حَجَّامًا عَلَى الْحِجَامَةِ أَجْرًا، إِلَّا لِأَنَّهُ لَا يُعْطِي إِلَّا مَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ، وَمَا يَحِلُّ لِمَالِكِهِ مِلْكُهُ، حِلَّ لَهُ وَلِمَنْ أَطْعَمَهُ إِيَّاهُ أَكْلُهُ، قَالَ: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَمَا مَعْنَى نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ وَإِرْخَاصِهِ فِي أَنْ يُطْعِمَهُ النَّاضِحَ وَالرَّقِيقَ؟ قِيلَ: لَا مَعْنَى لَهُ إِلَّا وَاحِدٌ، وَهُوَ أَنَّ مِنَ الْمَكَاسِبِ دَنِيًّا وَحَسَنًا، فَكَانَ كَسْبُ الْحَجَّامِ دَنِيًّا، فَأَحَبَّ لَهُ تَنْزِيهَ نَفْسِهِ عَنِ الدَّنَاءَةِ؛ لِكَثْرَةِ الْمَكَاسِبِ الَّتِي هِيَ أَجْمَلُ، فَلَمَّا زَادَ فِيهِ أَمَرُهُ أَنْ يُعْلِفَهُ نَاضِحَهُ، وَيُطْعِمَهُ رَقِيقَهُ؛ تَنْزِيهًا لَهُ لَا تَحْرِيمًا عَلَيْهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا ذَا قَرَابَةٍ لِعُثْمَانَ قَدِمَ عَلَيْهِ فَسَأَلَهُ عَنْ مَعَاشِهِ، فَذَكَرَ لَهُ غَلَّةَ حَمَامٍ، وَكَسْبَ حَجَّامٍ، أَوْ حَجَّامَيْنِ، فَقَالَ: إِنَّ كَسْبَكَ لَوَسِخٌ، أَوْ قَالَ: لَدَنِيءٌ، أَوْ قَالَ: لَدَنِسٌ، أَوْ كَلِمَةٌ تُشْبِهُ ذَلِكَ