اختلاف الحديث (صفحة 284)

حَدَّثَنَا الْرَّبِيْعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ إِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ ارْتَجَعَهَا قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، كَانَ ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ طَلَّقَهَا أَلْفَ مَرَّةٍ، فَعَمَدَ رَجُلٌ إِلَى امْرَأَةٍ لَهُ فَطَلَّقَهَا، ثُمَّ أَمْهَلَهَا حَتَّى إِذَا شَارَفَتِ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا ارْتَجَعَهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا آوِيكِ إِلَيَّ، وَلَا تَحِلِّينَ أَبَدًا، فَأَنْزَلَ اللَّهَ: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] ، فَاسْتَقْبَلَ النَّاسُ الطَّلَاقَ جَدِيدًا مِنْ يَوْمَئِذٍ، مَنْ كَانَ مِنْهُمْ طَلَّقَ أَوْ لَمْ يُطَلِّقْ. وَذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ هَذَا، فَلَعَلَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَجَابَ عَلَى أَنَّ الثَّلَاثَ وَالْوَاحِدَةَ سَوَاءٌ، وَإِذَا جَعَلَ اللَّهُ عَدَدَ الطَّلَاقِ عَلَى الزَّوَاجِ، وَأَنْ يُطَلِّقَ مَتَى شَاءَ، فَسَوَاءٌ الثَّلَاثُ وَالْوَاحِدَةُ وَأَكْثَرُ مِنَ الثَّلَاثِ فِي أَنْ يَقْضِيَ بِطَلَاقِهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَحَكَمَ اللَّهُ فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ مَرَّتَانِ، فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ، أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ، وَقَوْلُهُ: {فَإِنْ طَلَّقَهَا} [البقرة: 230] يَعْنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ: الثَّلَاثَ، {فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] ، فَدَلَّ حُكْمُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ تُحَرَّمُ بَعْدَ الطَّلَاقِ ثَلَاثًا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، وَجَعَلَ حُكْمَهُ بِأَنَّ الطَّلَاقَ إِلَى الْأَزْوَاجِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إِذَا حَدَثَ تَحْرِيمُ الْمَرْأَةِ بِطَلَاقِ ثَلَاثٍ، وَجَعَلَ الطَّلَاقَ إِلَى زَوْجِهَا، فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا مَجْمُوعَةً أَوْ مُفَرَّقَةً حُرِّمَتْ عَلَيْهِ بَعْدَهُنَّ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، كَمَا كَانُوا مُمَلَّكِينَ عِتْقَ رَقِيقِهِمْ، فَإِنْ أَعْتَقَ وَاحِدًا أَوْ مِائَةً فِي كَلِمَةٍ لَزِمَهُ ذَلِكَ كَمَا يَلْزَمُهُ لَهَا جَمَعَ الْكَلَامَ فِيهِ أَوْ فَرَّقَهُ، مِثْلُ قَوْلِهِ لِنِسْوَةٍ لَهُ: أَنْتُنَّ طَوَالِقُ، وَوَاللَّهِ لَا أَقْرَبُكُنَّ، وَأَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، وَقَوْلِهِ لِفُلَانٍ: عَلَيَّ كَذَا، وَلِفُلَانٍ: عَلَيَّ كَذَا، وَلِفُلَانٍ: عَلَيَّ كَذَا، فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِجَمْعِ الْكَلَامِ مَعْنًى مِنَ الْمَعَانِي، جَمِيعُهُ كَلَامٌ، فَيَلْزَمُهُ بِجَمْعِ الْكَلَامِ مَا يَلْزَمُهُ بِتَفْرِيقِهِ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَهَلْ مِنْ سُنَّةٍ تَدُلُّ عَلَى هَذَا؟ قِيلَ: نَعَمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015