قَالَ الْشَّافِعِيُّ،: وَرَوَى غَيْرُنَا، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْجَارُ أَحَقُّ بِشُفْعَتِهِ، يُنْتَظرُ بِهَا وَإِنْ كَانَ غَائِبًا، إِذَا كَانَتِ الطَّرِيقُ وَاحِدَةً» . وَذَهَبَ بَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ إِلَى أَنْ قَالَ -[648]-: الشُّفْعَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا لِلشَّرِيكِ، وَهُمَا إِذَا اشْتَرَكَا فِي طَرِيقٍ دُونَ الدَّارِ، وَإِنِ اقْتَسَمَا الدَّارَ شَرِيكَانِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَيُقَالُ لَهُ: الشَّرِيكَانِ فِي الدَّارِ أَوْ فِي الطَّرِيقِ دُونَ الدَّارِ؟ فَإِنْ قَالَ: فِي الطَّرِيقِ دُونَ الدَّارِ، قِيلَ لَهُ: فَلِمَ جَعَلْتَ الشُّفْعَةَ فِي الدَّارِ الَّتِي لَيْسَا فِيهَا بِشَرِيكَيْنِ بِالشِّرْكِ فِي الطَّرِيقِ، وَالطَّرِيقُ غَيْرُ الدَّارِ، أَرَأَيْتَ لَوَ بَاعَ دَارَهُمَا فِيهَا شَرِيكَانِ، وَضَمَّ فِي الشِّرَاءِ مَعَهَا دَارًا أُخْرَى غَيْرَهَا لَا شِرْكَ فِيهَا، وَلَا فِي طَرِيقِهَا، أَتَكُونُ الشُّفْعَةُ فِي الدَّارِ أَوْ فِي الشِّرْكِ؟ قَالَ: بَلْ فِي الشِّرْكِ دُونَ الدَّارِ الَّتِي ضُمَّتْ مَعَ الشِّرْكِ، قُلْتُ: وَلَا تَجْعَلُ فِيهَا شُفْعَةً إِذَا جَمَعَتْهُمَا الصَّفْقَةُ، وَفِي أَحَدِهِمَا شُفْعَةٌ؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: فَكَذَلِكَ يَلْزَمُكَ أَنْ تَقُولَ أَنْ يَبْعَثَ الطَّرِيقَ، وَهِيَ مِمَّا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَقَسْمُهُ، فَفِيهَا شُفْعَةٌ، وَلَا شُفْعَةَ فِيمَا قُسِمَ مِنَ الدَّارِ، قَالَ: فَإِنْ قَالَ: فَإِنَّمَا ذَهَبْتُ فِيهِ إِلَى الْحَدِيثِ نَفْسِهِ، قِيلَ: سَمِعْنَا بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ يَقُولُ: نَخَافُ أَنْ لَا يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ مَحْفُوظًا، قَالَ: وَمِنْ أَيْنَ؟ قُلْتُ: إِنَّمَا رَوَاهُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَقَدْ رَوَى أَبُو سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ مُفَسَّرًا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ فَلَا شُفْعَةَ» . وَأَبُو سَلَمَةَ مِنَ الْحُفَّاظِ، وَرَوَى أَبُو الزُّبَيْرِ، وَهُوَ مِنَ الْحُفَّاظِ، عَنْ جَابِرٍ مَا يُوَافِقُ قَوْلَ أَبِي سَلَمَةَ، وَيُخَالِفُ مَا رَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَفِيهِ مِنَ الْفَرْقِ بَيْنَ الشَّرِيكِ وَبَيْنَ الْمُقَاسِمِ مَا وَصَفْتُ جُمْلَتَهُ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ، فَكَانَ أَوْلَى الْأَحَادِيثِ أَنْ يُؤْخَذَ بِهِ عِنْدَنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتُهَا إِسْنَادًا، وَأَبْيَنُهَا لَفْظًا عَنِ النَّبِيِّ، وَأَعْرَفُهَا فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُقَاسِمِ وَغَيْرِ الْمُقَاسِمِ