قَالَ: رَوَى بَعْضُ قَرَابَةِ مَيْمُونَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَكَحَ مَيْمُونَةَ مُحْرِمًا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَكَانَ أَشْبَهُ الْأَحَادِيثِ أَنْ يَكُونَ ثَابِتًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ نَكَحَ مَيْمُونَةَ حَلَالًا، فَإِنْ قِيلَ: مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَثْبَتُهَا؟ قِيلَ: رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ عَنِ النَّبِيِّ النَّهْيُ عَنْ أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْرِمُ، وَلَا يُنْكَحُ، وَعُثْمَانُ مُتَقَدِّمُ الصُّحْبَةِ، وَمَنْ رَوَى أَنَّ النَّبِيَّ يَنْكِحُهَا مُحْرِمًا لَمْ يَصْحَبْهُ إِلَّا بَعْدَ السَّفَرِ الَّذِي نَكَحَ فِيهِ مَيْمُونَةَ، وَإِنَّمَا نَكَحَهَا قَبْلَ عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ، وَقِيلَ لَهُ: وَإِذَا اخْتَلَفَ الْحَدِيثَانِ، فَالْمُتَّصِلُ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ أَوْلَى عِنْدَنَا إِنْ ثَبَتَ، لَوْ لَمْ يَكُنِ الْحُجَّةُ إِلَّا فِيهِ نَفْسِهِ، وَمَعَ حَدِيثِ عُثْمَانَ مَا يُوَافِقُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَّصِلًا اتِّصَالَهُ، فَإِنْ قِيلَ: فَإِنَّ مَنْ رَوَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ نَكَحَهَا مُحْرِمًا قَرَابَةٌ يَعْرِفُ نِكَاحَهَا، قِيلَ: وَلِابْنِ أَخِيهَا يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ ذَلِكَ الْمَكَانُ مِنْهَا، وَلِسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مِنْهَا مَكَانُ الْوَلَايَةِ، يُشَابِهُ أَنْ يَعْرِفَ نِكَاحَهَا، فَإِذَا كَانَ يَزِيدُ بْنُ الْأَصَمِّ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، مَعَ أَنَّهُمَا مِنْهَا يَقُولَانِ نَكَحَهَا حَلَالًا، وَكَانَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: نَكَحَهَا حَلَالًا، ذَهَبَتِ الْعِلَّةُ فِي أَنْ يَثْبُتَ مَنْ قَالَ نَكَحَهَا وَهُوَ مُحْرِمٌ بِسَبَبِ الْقَرَابَةِ، وَبِأَنَّ حَدِيثَ عُثْمَانَ بِالْإِسْنَادِ الْمُتَّصِلِ لَا شَكَّ فِي اتِّصَالِهِ أَوْلَى أَنْ يَثْبُتَ مَعَ مُوَافَقَةِ مَا وَصَفْتُ، فَأَيُّ مُحْرِمٍ نَكَحَ، أَوْ أُنْكِحَ، فَنِكَاحُهُ مَفْسُوخٌ بِمَا وَصَفْتُ مِنْ نَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِكَاحِ الْمُحْرِمِ