أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ -[641]-، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ احْتَجَمَ مُحْرِمًا صَائِمًا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَسَمَاعُ ابْنِ أَوْسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَامَ الْفَتْحِ، وَلَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ مُحْرِمًا، وَلَمْ يَصْحَبْهُ مُحْرِمًا قَبْلَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، فَذِكْرُ ابْنِ عَبَّاسٍ حِجَامَةَ النَّبِيِّ عَامَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ سَنَةَ عَشْرٍ، وَحَدِيثُ «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» فِي الْفَتْحِ سَنَةَ ثَمَانٍ قَبْلَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ بِسَنَتَيْنِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ كَانَا ثَابِتَيْنِ فَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ نَاسِخٌ، وَحَدِيثُ إِفْطَارِ الْحَاجِمِ وَالْمَحْجُومِ مَنْسُوخٌ، قَالَ: وَإِسْنَادُ الْحَدِيثَيْنِ مَعًا مُشْتَبَهٌ، وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَمْثَلُهُمَا إِسْنَادًا، فَإِنْ تَوَقَّى رَجُلٌ الْحِجَامَةَ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ احْتِيَاطًا، وَلِئَلَّا يُعَرِّضَ صَوْمَهُ أَنْ يَضْعُفَ فَيُفْطِرَ، وَإِنِ احْتَجَمَ فَلَا تُفْطِرُهُ الْحِجَامَةُ، إِلَّا أَنْ يُحْدِثَ بَعْدَهَا مَا يُفْطِرُهُ مِمَّا لَوْ لَمْ يَحْتَجِمْ فَفَعَلَهُ فَطَّرَهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَعَ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْقِيَاسُ، أَنْ لَيْسَ الْفِطْرُ مِنْ شَيْءٍ يَخْرُجُ مِنْ جَسَدٍ إِلَّا أَنْ يُخْرِجَهُ الصَّائِمُ مِنْ جَوْفِهِ مُتَقَيِّئًا، وَأَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يُنْزِلُ غَيْرَ مُتَلَذِّذٍ، فَلَا يَبْطُلُ صَوْمُهُ، وَيَعْرَقُ وَيَتَوَضَّأُ، وَيَخْرُجُ مِنْهُ الْخَلَاءُ وَالرِّيحُ وَالْبَوْلُ، وَيَغْتَسِلُ وَيَتَنَوَّرُ، فَلَا يَبْطُلُ صَوْمُهُ، وَإِنَّمَا يُفْطِرُ مِنْ إِدْخَالِ الْبَدَنِ، أَوِ التَّلَذُّذِ بِالْجِمَاعِ، أَوِ التَّقَيُّؤِ، فَيَكُونُ عَلَى هَذَا إِخْرَاجُ شَيْءٍ مِنْ جَوْفِهِ كَمَا عَمَدَ إِدْخَالَهُ فِيهِ، قَالَ: وَالَّذِي أَحْفَظُ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ وَالتَّابِعِينَ وَعَامَّةِ الْمَدَنِيِّينَ أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ أَحَدٌ بِالْحِجَامَةِ