اختلاف الحديث (صفحة 183)

قِيلَ: رَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عُمَرَ، وَصَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ صَلَّى عَلَى ظَهْرِ زَمْزَمَ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ رَكْعَتَيْنِ، فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعَانِ. قَالَ: وَابْنُ عَبَّاسٍ لَا يُصَلِّي فِي الْخُسُوفِ خِلَافَ صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، قَالَ: وَإِذَا كَانَ عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ وَعُمَرُ وَصَفْوَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَرْوُونَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ خِلَافَ مَا رَوَى سُلَيْمَانُ الْأَحْوَلُ، كَانَتْ رِوَايَةُ ثَلَاثَةٍ أَوْلَى أَنْ تُقْبَلَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ أَكْثَرُ حَدِيثًا وَأَشْبَهُ بِالْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ مِنْ سُلَيْمَانَ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ صَلَّى فِي زَلْزَلَةٍ ثَلَاثَ رُكُوعَاتٍ، فِي كُلِّ رَكْعَةٍ. قُلْتُ: لَوْ ثَبَتَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَرَّقَ بَيْنَ خُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالزَّلْزَلَةِ، وَإِنْ سَوَّى بَيْنَهُمَا فَأَحَادِيثُنَا أَكْثَرُ وَأَثْبَتُ مِمَّا رَوَيْتَ، فَأَخَذْنَا بِالْأَكْثَرِ الْأَثْبَتِ، كَذَلِكَ نَقُولُ نَحْنُ وَأَنْتَ، قَالَ: وَمِنْ أَصْحَابِكُمْ مَنْ قَالَ: لَا يُصَلَّى فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ صَلَاةُ جَمَاعَةٍ كَمَا يُصَلَّى فِي خُسُوفِ الشَّمْسِ، قُلْتُ: فَقَدْ خَالَفَنَا نَحْنُ وَأَنْتَ، فَلَا عَلَيْكَ أَنْ لَا تَذْكُرَ قَوْلَهُ، قَالَ: فَمَا الْحُجَّةُ عَلَيْكَ؟ قُلْتُ: حَدِيثُهُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ يَرْوِي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ» ، ثُمَّ كَانَ ذِكْرُ اللَّهِ الَّذِي فَزِعَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ الصَّلَاةَ لِكُسُوفِ الشَّمْسِ، وَأَمْرُهُ مِثْلُ فِعْلِهِ، وَقَدْ أَمَرَ فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ بِالْفَزَعِ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ، كَمَا أَمَرَ بِهِ فِي خُسُوفِ الشَّمْسِ، وَقَدْ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى، وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: 15] ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حُجَّةٌ إِلَّا هَذَا كَانَتْ عَلَيْهِ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّ النَّبِيَّ أَمَرَهُمْ فِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ أَنْ يَفْزَعُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ، وَإِلَى الصَّلَاةِ، وَفِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ صَلَّى فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ كَمَا صَلَّى فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ، ثُمَّ أَعْلَمَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ. قَالَ: فَمِنْ أَيْنَ تَرَاهُ أَنْتَ؟ قُلْتُ: مَا يَعْلَمُ كُلُّ النَّاسِ كُلَّ شَيْءٍ، وَمَا يُؤْمَنُ فِي الْعِلْمِ أَنْ يَجْهَلَهُ بَعْضُ مَنْ يُنْسَبُ إِلَيْهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015