عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَفْعُ الْيَدَيْنِ فِي الِافْتِتَاحِ، وَعِنْدَ رَفْعِهِ مِنَ الرُّكُوعِ، وَمَا هُوَ بِالْمَعْمُولِ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ النَّاسَ كَانُوا إِذَا نَامُوا مِنَ اللَّيْلِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لَمْ يَأْكُلُوا وَلَمْ يُجَامِعُوا، حَتَّى نَزَلَتِ الرُّخْصَةُ فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا وَجَامَعُوا إِلَى الْفَجْرِ. فَأَمَّا قَوْلُهُ: لَيْسَ بِالْمَعْمُولِ بِهِ، فَقَدْ أَعْيَانَا أَنْ نَجِدَ عِنْدَ أَحَدٍ عِلْمَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ إِذَا عَمِلُوا بِالْحَدِيثِ ثَبَتَ عِنْدَهُ، فَإِذَا تَرَكُوا الْعَمَلَ بِهِ سَقَطَ عِنْدَهُ، هُوَ يَرْوِي أَنَّ النَّبِيَّ فَعَلَهُ، وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ فَعَلَهُ، وَلَا يَرْوِي عَنْ أَحَدٍ يُسَمِّيهِ أَنَّهُ تَرَكَهُ، فَلَيْتَ شِعْرِي مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَمْ أَعْلَمْهُمْ خُلِقُوا، ثُمَّ يَحْتَجُّ بِتَرْكِهِمُ الْعَمَلَ وَغَفْلَتِهِمْ؟ فَأَمَّا قَوْلُهُ فِي النَّاسِ: كَانُوا لَا يَأْكُلُونَ بَعْدَ النَّوْمِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ حَتَّى أَرْخَصَ لَهُمْ، إِنَّ أَشْيَاءَ قَدْ كَانَتْ ثُمَّ نَسَخَهَا اللَّهُ، فَذَلِكَ كَمَا قَالَ: وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ مَا نَسَخَهَا، وَبَيَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ، أَفَيْجَوزُ أَنْ يُقَالَ: لِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ هُوَ مَنْسُوخٌ، بِلَا خَبَرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ؟ فَإِنْ قَالَ: لَا، قِيلَ: فَأَيْنَ الْخَبَرُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ رَفَعَ الْيَدَ فِي الصَّلَاةِ؟ فَإِنْ قَالَ: فَلَعَلَّهُ كَانَ وَلَمْ يُحْفَظْ، قِيلَ: أَفَيَجُوزُ فِي كُلِّ خَبَرٍ رَوَيْتُهُ عَنِ النَّبِيِّ أَنْ يُقَالَ: قَدْ كَانَ هَذَا، وَلَعَلَّهُ مَنْسُوخٌ، فَيَرُدُّ عَلَيْنَا أَهْلُ الْجَهَالَةِ بِالسُّنَنِ بِلَعَلَّهُ؟ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنْ كَانَ تَرْكُكَ أَحَادِيثَ رَسُولِ اللَّهِ بِمِثْلِ مَا وَصَفْتَ مِنْ هَذَا الْمَذْهَبِ الضَّعِيفِ، فَكَيْفَ لُمْنَا وَلَامُوا مَنْ تَرَكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ شَيْئًا مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ الَّذِينَ يَعْتَلُّونَ فِي تَرْكِهَا بِأَحْسَنَ وَأَقْوَى مِنْ هَذَا الْمَذْهَبِ الضَّعِيفِ؟