فَقَالَ أَحْمد وَأَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ: لَهُ ذَلِك.
وَقَالَ مَالك: لَا يجوز لَهُ ذَلِك.
وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا قتلت أم الْوَلَد سَيِّدهَا عمدا أَو خطأ وَاخْتَارَ الْأَوْلِيَاء المَال.
فَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن كَانَ عمدا فيقتص مِنْهَا وَإِن كَانَ خطأ فَلَا شَيْء عَلَيْهَا.
وَقَالَ مَالك: إِن قتلتىه عمدا فَلَا دِيَة وَتصير رَقِيقا للْوَرَثَة وَإِن شَاءُوا استخدموها وَكَانَت أمه لَهُم، وَإِن شَاءُوا قتلوها، فَإِن استحيوها جلدت مائَة وحبست عَاما.
وَقَالَ الشَّافِعِي: عَلَيْهَا الدِّيَة. وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ: أَحدهمَا يجب عَلَيْهَا أقل الْأَمريْنِ من قيمتهَا أَو الدِّيَة، وَالْأُخْرَى: عَلَيْهَا قيمَة نَفسهَا اخْتَارَهَا الْخرقِيّ.
قلت: فَهَذَا فِيمَا ترَاهُ مقنع إِن شَاءَ الله من جَمِيع الْمسَائِل الْفِقْهِيَّة على كَونه رُبمَا كَانَ ينْدر وُقُوعه أَيْضا، إِلَّا أَنه قد يُمكن ذُو اللب أَن يفرع مِنْهُ مسَائِل أخر على أَنه لَيْسَ من شَرط الْفَقِيه الْمُجْتَهد أَن يكون عَالما بِكُل مَسْأَلَة انْتهى إِلَيْهَا تَفْرِيع الْمُتَأَخِّرين، فَإِن فِي هَذَا الْكتاب الَّذِي ذَكرْنَاهُ من هَذِه الْمسَائِل الْكَثِيرَة المتداولة مَا قد روينَاهُ فِيهِ الْمَذْهَب الْوَاحِد مِنْهُم والاثنين وَالثَّلَاثَة، وَلم نجد الرَّابِع فِيهَا قولا فِيمَا علمناه إِلَى الْآن فَانْتهى إِلَيْنَا وَلم تنقصه من دَرَجَة اجْتِهَاده إِلَى أَن علمه ذَلِك فضل. فَهَذَا الْفِقْه الَّذِي جمعناه هَاهُنَا علمه مثبوت فِي كتَابنَا هَذَا إِلَّا أَن الْفُقَهَاء إِنَّمَا أخذُوا أجل الْفِقْه من الْأَحَادِيث الصِّحَاح وَأكْثر قياسهم على الْأُصُول الثَّابِتَة بهَا، وَإِنَّمَا جمعناه ليسهل تنَاوله وَيقرب لاقْتِضَاء الحَدِيث الَّذِي ذَكرْنَاهُ وَهُوَ قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((من يرد الله بِهِ خيرا يفقهه فِي الدّين)) ، وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْمَحْمُود على توفيقه لذَلِك ونسأله جلّ اسْمه أَن ينفعنا بِهِ وَالْمُسْلِمين أَجْمَعِينَ. وَالْحَمْد لله وَحده.