قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَأَخْبَرَنِي عَطَاءٌ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " ارْفَعُوا عَنْ مُحَسِّرٍ وَارْفَعُوا عَنْ عَرَفَاتٍ " قَالَ: قُلْتُ لَهُ: رَفْعُ مَاذَا؟ قَالَ: أَمَّا قَوْلُهُ ارْفَعُوا عَنْ مُحَسِّرٍ فَفِي الْمَنْزِلِ بِجَمْعٍ أَيْ: لَا تَنْزِلُوا مُحَسِّرًا لَا تَبْلُغُوهُ، قَالَ: قُلْتُ: فَأَيْنَ مُحَسِّرٌ؟ أَيْنَ يَبْلُغُ مِنْ جَمْعٍ؟ وَأَيْنَ يَبْلُغُ النَّاسُ مَنَازِلَهُمْ مِنْ مُحَسِّرٍ؟ قَالَ: لَمْ أَرَ النَّاسَ يَخْلُفُونَ بِمَنَازِلِهِمُ الْقَرْنَ الَّذِي يَلِي حَائِطَ مُحَسِّرٍ الَّذِي هُوَ أَقْرَبُ قَرْنٍ فِي الْأَرْضِ مِنْ مُحَسِّرٍ عَنْ يَمِينِ الذَّاهِبِ مِنْ مَكَّةَ عَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ، قَالَ: وَمُحَسِّرٌ إِلَى ذَلِكَ الْقَرْنِ يَبْلُغُهُ مُحَسِّرٌ وَيَنْقَطِعُ إِلَيْهِ قَالَ: فَأَحْسَبُ أَنَّهَا كُدْيَةُ مُحَسِّرٍ حَتَّى ذَلِكَ الْقَرْنِ , قَالَ: فَلَا أُحِبُّ أَنْ يَنْزِلَ أَحَدٌ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ الْقَرْنِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ. وَيُقَالُ إِنَّهَا سُمِّيَتِ الْمُزْدَلِفَةُ لِازْدِلَافِ النَّاسِ عَلَيْهَا، وَأَنَّهُمْ لَا يُقِيمُونَ بِهَا يَوْمًا وَاحِدًا، وَلَا لَيْلَةً تَامَّةً، وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ فِي الْمُزْدَلِفَةِ يَذْكُرُهَا:
[البحر الرجز]
أَقْبَلَ شَيْخَانِ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ ... كِلَاهُمَا لِحْيَتُهُ مُخْتَلِفَهْ
وَقَالَ أَبُو طَالِبِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي جَمْعٍ:
[البحر الطويل]
وَلَيْلَةِ جَمْعٍ وَالْمَنَازِلُ مِنْ مِنًى ... وَمَا فَوْقَهَا مِنْ حُرْمَةٍ وَمَنَازِلِ
وَجَمْعٍ إِذَا مَا الْمُقْرَبَاتُ أَجَزْنَهُ ... سِرَاعًا كَمَا يَخْرُجْنَ مِنْ وَقْعِ وَابِلِ
-[319]- قَالَ ابْنُ رَبِيعَةَ يَذْكُرُ مُحَسِّرًا أَيْضًا:
[البحر الكامل]
وَمَقَالُهَا بِالنِّعْفِ نِعْفِ مُحَسِّرٍ ... لِفَتَاتِهَا هَلْ تَعْرِفِينَ الْمُعْرِضَا
هَذَا الَّذِي أَعْطَى مَوَاثِقَ عَهْدِهِ ... حَتَّى رَضِيتُ وَقُلْتِ لِي لَنْ يَنْقُضَا
بِاللهِ رَبِّكِ إِنْ ظَفَرْتُ بِمِثْلِهَا ... مِنْهُ لَيَعْتَرِفَنَّ مَا قَدْ أُقْرِضَا