مَقْبُوَّةَ الرَّأْسِ بِضِبَابٍ لَهَا مِنْ حَدِيدٍ مُلَبَّسَةَ الدَّاخِلِ بِالْأَدَمِ، وَكَانَتِ الْقُبَّةُ قَبْلَ ذَلِكَ مُسَطَّحَةً، وَكَانَ الْعَامِلُ بِمَكَّةَ قَدْ أَمَرَ بِكِتَابٍ يُقْرَأُ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَجَلَسَ خَلْفَ الْمَقَامِ وَأَقَامَ كَاتِبَهَ قَائِمًا عَلَى الصُّنْدُوقِ، فَقَرَأَ الْكِتَابَ، فَأَعْظَمَ ذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ إِعْظَامًا شَدِيدًا وَأَنْكَرُوهُ أَشَدَّ النُّكْرَةِ، وَخَافَ الْحَجَبَةُ أَنْ يَعُودَ لِمِثْلِهَا، فَرَفَعُوا فِي ذَلِكَ رُقْعَةً إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَمَرَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَتَّخِذَ كُرْسِيًّا يَقْرَأُ عَلَيْهِ الْكُتُبَ، وَأَنْ يُنَزَّهَ الْمَقَامُ عَنْ ذَلِكَ وَيُعَظَّمَ، وَعَمِلَ إِسْحَاقُ الذَّهَبَ عَلَى زَاوِيَتَيِ الْكَعْبَةِ مِنْ دَاخِلِهَا مَكَانَ مَا كَانَ هُنَالِكَ مِنَ الْفِضَّةِ مُلَبَّسًا، وَكَسَّرَ الذَّهَبَ الَّذِي كَانَ عَلَى الزَّاوِيَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ وَأَعَادَ عَمَلَهُ، فَصَارَ ذَلِكَ أَجْمَعُ عَلَى مِثَالٍ وَاحِدٍ مَنْقُوشَةً مُؤَلَّفَةً نَاتِئَةً، وَعَمِلَ مِنْطَقَةً مِنْ فِضَّةٍ وَرَكَّبَهَا فَوْقَ إِزَارِ الْكَعْبَةِ فِي تَرْبِيعِهَا كُلِّهَا، مَنْقُوشَةً مُؤَلَّفَةً جَلِيلَةً نَاتِئَةً، يَكُونُ عَرْضُ الْمِنْطَقَةِ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ، وَعَمِلَ طَوْقًا مِنْ ذَهَبٍ مَنْقُوشٍ مُتَّصِلًا بِهَذِهِ الْمِنْطَقَةِ، فَرَكَّبَهُ حَوْلَ الْجَزْعَةِ الَّتِي تُقَابِلُ مَنْ دَخَلَ مِنْ بَابِ الْكَعْبَةِ فَوْقَ الطَّوْقِ الذَّهَبِ الْقَدِيمِ الَّذِي كَانَ مُرَكَّبًا حَوْلَهَا مِنْ عَمَلِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَكَرِهَ أَنْ يَقْلَعَ ذَلِكَ الطَّوْقَ الْأَوَّلَ لِسَبَبِ تَكَسُّرٍ خَفِيٍّ فِي الْجَزْعَةِ، فَتَرَكَهُ عَلَى حَالِهِ لِئَلَّا يَحْدُثَ فِي الْجَزْعَةِ حَادِثٌ، وَقَلَعَ الرُّخَامَ الْمُتَزَايِلَ مِنْ جُدُرَاتِ الْكَعْبَةِ، وَكَانَ يَسِيرًا رُخَامَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، وَأَعَادَ نَصْبَهَ كُلَّهُ بِجِصٍّ صَنْعَانِيٍّ كَانَ كَتَبَ فِيهِ إِلَى عَامِلِ صَنْعَاءَ، فَحُمِلَ إِلَيْهِ مِنْهُ جِصٌّ مَطْبُوخٌ صَحِيحٌ غَيْرُ مَدْقُوقٍ اثْنَا عَشَرَ حِمْلًا، فَدَقَّهُ وَنَخَلَهُ وَخَلَطَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ وَنَصَبَ بِهِ هَذَا الرُّخَامَ، وَفِي أَعْلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015