مُلَبَّسٌ صَفَايِحَ مِنْ رَصَاصٍ، وَلَوْ عُمِلَ مَكَانَ الرَّصَاصِ فِضَّةٌ كَانَ أَشْبَهَ بِهِ وَأَحْسَنَ وَأَوْثَقَ لَهُ، فَأَمَرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْمُتَوَكِّلُ عَلَى اللَّهِ بِعَمَلِ ذَلِكَ أَجْمَعَ، فَوَجَّهَ رَجُلًا مِنْ صُنَّاعِهِ يُقَالُ لَهُ: إِسْحَاقُ بْنُ سَلَمَةَ الصَّائِغُ شَيْخٌ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالصِّنَاعَاتِ وَرِفْقٌ وَتَجَارِبٌ، وَوَجَّهَ مَعَهُ مِنَ الصُّنَّاعِ مَنْ تَخَيَّرَهُمْ إِسْحَاقُ بْنُ سَلَمَةَ مِنْ صِنَاعَاتٍ شَتَّى مِنَ الصُّوَّغِ وَالرُّخَامِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الصُّنَّاعِ نَيِّفًا وَثَلَاثِينَ رَجُلًا، وَمِنَ الرُّخَامِ الْأَلْوَاحِ الثِّخَانِ لِيُشَقَّ كُلُّ لَوْحٍ مِنْهَا بِمَكَّةَ لَوْحَيْنِ، وَمِائَةَ لَوْحٍ، وَوَجَّهُ مَعَهُ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَآلَاتٍ لِشِقِّ الرُّخَامِ وَلِعَمَلِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَرَفَعَ الْحَجَبَةُ أَيْضًا رُقْعَةً إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ يَذْكُرُونَ لَهُ أَنَّ الْعَامِلَ بِمَكَّةَ إِنْ تَسَلَّطَ عَلَى أَمْرِ الْكَعْبَةِ أَوْ كَانَتْ لَهُ مَعَ إِسْحَاقَ بْنِ سَلَمَةَ فِي ذَلِكَ يَدٌ لَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يَعْمِدَ إِلَى مَا كَانَ صَحِيحًا أَوْ يَتَعَلَّلَ فِيهِ فَيُخَرِّبَهُ أَوْ يَهْدِمَهُ، وَيُحْدِثُ فِي ذَلِكَ أَشْيَاءَ لَا تُؤْمَنُ عَوَاقِبُهَا , يَطْلُبُ بِذَلِكَ ضِرَارَهُمْ وَأَنَّهُمْ لَا يَأْمَنُونَ ذَلِكَ مِنْهُ، فَأَمَرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِكِتَابٍ إِلَى الْعَامِلِ بِمَكَّةَ فِي جَوَابِ مَا كَانَ هُوَ وَصَاحِبُ الْبَرِيدِ كَتَبَا بِهِ، أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ أَمَرَ بِتَوْجِيهِ إِسْحَاقَ بْنِ سَلَمَةَ الصَّايِغَ لِلْوُقُوفِ عَلَى تِلْكَ الْأَعْمَالِ، وَرَدَّ الْأَمْرَ فِيهَا إِلَى إِسْحَاقَ لَيَعْمَلَ بِمَا فِيهِ الصَّلَاحُ وَالْإِحْكَامُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَقَدِمَ إِسْحَاقُ بْنُ سَلَمَةَ الصَّائِغُ بِمَنْ مَعَهُ مِنَ الصُّنَّاعِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالرُّخَامِ وَالْآلَاتِ، مَكَّةَ لِلَيْلَةٍ بَقِيَتْ مِنْ رَجَبٍ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ وَمَعَهُ كِتَابٌ مَنْشُورٌ مَخْتُومٌ فِي أَسْفَلِهِ بِخَاتَمِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى الْعَامِلِ بِمَكَّةَ وَغَيْرِهِ مِنَ الْعُمَّالِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015