، وَهُوَ مَا بَيْنَ الرَّاحَةِ وَالرَّاحَةُ، الْجَبَلُ الَّذِي يُشْرِفُ عَلَى دَارِ الْوَادِي عَلَيْهِ الْمَنَارَةُ، وَبَيْنَ نَزَّاعَةِ الشَّوَى، وَهُوَ الْجَبَلُ الَّذِي عَلَيْهِ بُيُوتُ ابْنِ قَطْرٍ، وَالْبُيُوتُ الْيَوْمَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ، وَلَهُ يَقُولُ الشَّاعِرُ:

[البحر الطويل]

إِذَا مَا نَزَلْتَ حَذْوَ نَزَّاعَةِ الشَّوَى ... بُيُوتَ ابْنِ قَطْرٍ فَاحْذَرُوا أَيُّهَا الرَّكْبُ

وَإِنَّمَا سُمِّيَ الرَّاحَةَ؛ لِأَنَّ قُرَيْشًا كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَخْرُجُ مِنْ شِعْبِ الصَّفِيِّ، فَتَبِيتُ فِيهِ فِي الصَّيْفِ تَعْظِيمًا لِلْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، ثُمَّ يَخْرُجُونَ فَيَجْلِسُونَ فَيَسْتَرِيحُونَ فِي الْجَبَلِ، فَسُمِّيَ ذَلِكَ الْجَبَلُ الرَّاحَةَ وَقَالَ بَعْضُ الْمَكِّيِّينَ: إِنَّمَا سُمِّيَ صَفِيَّ السِّبَابِ؛ أَنَّ نَاسًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا إِذَا فَرَغُوا مِنْ مَنَاسِكِهِمْ نَزَلُوا الْمُحَصَّبَ لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ، فَوَقَفَتْ قَبَايِلُ الْعَرَبِ بِفَمِ الشِّعْبِ شِعْبِ الصَّفِيِّ، فَتَفَاخَرَتْ بِآبَائِهَا وَأَيَّامِهَا وَوَقَايِعِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَيَقُولُ مِنْ كُلِّ بَطْنٍ شَاعِرٌ وَخَطِيبٌ، فَيَقُولُ: مِنَّا فُلَانٌ، وَلَنَا يَوْمُ كَذَا وَكَذَا، فَلَا يَتْرُكُ فِيهِ شَيْئًا مِنَ الشَّرَفِ إِلَّا ذَكَرَهُ، ثُمَّ يَقُولُ: مَنْ كَانَ يُنْكِرُ مَا يَقُولُ، أَوْ لَهُ يَوْمٌ كَيَوْمِنَا، أَوْ لَهُ فَخْرٌ مِثْلُ فَخْرِنَا، فَلْيَأْتِ بِهِ ثُمَّ يَقُومُ الشَّاعِرُ فَيُنْشِدُ مَا قِيلَ فِيهِمْ مِنَ الشِّعْرِ، فَمَنْ كَانَ يُفَاخِرُ تِلْكَ الْقَبِيلَةَ، أَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مُنَافَرَةٌ أَوْ مُفَاخَرَةٌ، قَامَ فَذَكَرَ مَثَالِبَ تِلْكَ الْقَبِيلَةِ، وَمَا فِيهَا مِنَ الْمَسَاوِئِ، وَمَا هُجِيَتْ بِهِ مِنَ الشِّعْرِ، ثُمَّ فَخَرَ هُوَ بِمَا فِيهِ فَلَمَّا جَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْإِسْلَامِ أَنْزَلَ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا} [البقرة: 200] ، يَعْنِي هَذِهِ الْمُفَاخَرَةَ وَالْمُنَافَرَةَ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا وَلَهُ يَقُولُ كَثِيرُ بْنُ كَثِيرٍ السَّهْمِيُّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015