وَالْجَفْرَ، وَهَذِهِ أَبْيَارُ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ كُلُّهَا خَارِجًا مِنْ مَكَّةَ، ثُمَّ كَانَ قُصَيٌّ حِينَ جَمَعَ قُرَيْشًا، وَسُمِّيَتْ قُرَيْشًا لِتَقَرُّشِهَا، وَهُوَ التَّجَمُّعُ بَعْدَ التَّفَرُّقِ، وَأَهْلَ مَكَّةَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ الْآبَاءُ مِنَ الشُّرْبِ مِنْ رُؤُوسِ الْجِبَالِ، وَمِنْ هَذِهِ الْآبَارِ الَّتِي خَارِجَ مَكَّةَ، فَلَمْ يَزَلِ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى هَلَكَ قُصَيٌّ، ثُمَّ وَلَدُهُ مِنْ بَعْدِهِ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، حَتَّى هَلَكَ أَعْيَانُ بَنِي قُصَيٍّ: عَبْدُ الدَّارِ، وَعَبْدُ مَنَافٍ، وَعَبْدُ الْعُزَّى، بَنِو قُصَيٍّ، فَخَلَفَ أَبْنَاؤُهُمْ فِي قَوْمِهِمْ عَلَى مَا كَانَ مِنْ فِعْلِهِمْ، فَلَمَّا انْتَشَرَتْ قُرَيْشٌ، وَكَثُرَ سَاكِنُ مَكَّةَ، قَلَّتْ عَلَيْهِمُ الْمِيَاهُ، وَاشْتَدَّتْ عَلَيْهِمُ الْمُؤْنَةُ، وَعَطِشَ النَّاسُ بِمَكَّةَ أَشَدَّ الْعَطَشِ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ حَفَرَ عَبْدُ شَمْسِ بْنُ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ، فَحَفَرَ الطَّوِيَّ، وَهِيَ الَّتِي بِأَعْلَى مَكَّةَ عِنْدَ الْبَيْضَاءِ دَارِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، وَحَفَرَ هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ بَذَّرَ، وَهِيَ الْبِيرُ الَّتِي عِنْدَ الْمُسْتَنْذَرِ فِي خَطْمِ الْخَنْدَمَةِ عَلَى فَمِ شِعْبِ أَبِي طَالِبٍ، وَقَالَ حِينَ حَفَرَهَا: لَأَجْعَلَنَّهَا بَلَاغًا لِلنَّاسِ وَحَفَرَ هَاشِمٌ سَجْلَةَ، وَهِيَ بِئْرُ مُطْعِمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ الَّتِي يُسْقَى عَلَيْهَا الْيَوْمَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَاللَّهِ الْقَدِيمِ مَا تَحَرَّيْتُ الصِّدْقَ لَكَ وَعَلَيْكَ , قَالَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ثُمَّ ابْتَاعَهَا مُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ مِنْ أَسَدِ بْنِ هَاشِمٍ، وَبَنُو هَاشِمٍ تَزْعُمُ أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بْنَ هَاشِمٍ وَهَبَهَا لَهُ حِينَ حَفَرَ زَمْزَمَ وَاسْتَغْنَى عَنْهَا، وَسَأَلَهُ مُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ أَنْ يَضَعَ حَوْضًا مِنْ أَدَمٍ إِلَى جَنْبِ زَمْزَمَ يَسْقِي فِيهِ مِنْ مَاءِ بِئْرِهِ، فَأَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرٍ: فَكَثُرَتِ الْمِيَاهُ بِمَكَّةَ بَعْدَ مَا حُفِرَتْ زَمْزَمُ حَتَّى رَوِيَ الْقَاطِنُ وَالْبَادِي، وَدَنَتْ لَهَا بَكْرٌ وَخُزَاعَةُ فَارْتَوَوْا مِنْهَا لَا تَنْزَحُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ