أُخْرِجَ مَا فِيهَا مِنَ الْقَمَايِمِ وَهُدِمَّتْ وَعُدِّلَتْ وَبُنِيَتْ مَسْجِدًا يُوصَلُ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، أَوْ جُعِلَتْ رَحَبَةً لَهُ يُصَلِّي النَّاسُ فِيهَا، وَيَتَّسِعُ فِيهَا الْحَاجُّ، كَانَتْ مَكْرُمَةً لَمْ يَتَهَيَّأْ لِأَحَدٍ مِنَ الْخُلَفَاءِ بَعْدَ الْمَهْدِيِّ، وَشَرَفًا وَأَجْرًا بَاقِيًا مَعَ الْأَبَدِ وَذَكَرَ أَنَّ فِيَ الْمَسْجِدِ خَرَابًا كَثِيرًا، وَأَنَّ سَقْفَهُ يُكَفُّ إِذَا جَاءَ الْمَطَرُ، وَأَنَّ وَادِيَ مَكَّةَ قَدِ انْكَبَسَ بِالتُّرَابِ، حَتَّى صَارَ السَّيْلُ إِذَا جَاءَ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ، وَشَرَحَ ذَلِكَ لِلْأَمِيرِ بِمَكَّةَ عَجِّ بْنِ حَاجٍّ مَوْلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَالْقَاضِي بِهَا مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُقَدَّمِيِّ، وَسَأَلَهُمَا أَنْ يَكْتُبَا بِمِثْلِ ذَلِكَ، فَرَغِبَا فِي الْأَجْرِ وَجَمِيلِ الذِّكْرِ، وَكَتَبَا إِلَى الْوَزِيرِ بِمِثْلِ ذَلِكَ، فَلَمَّا وَصَلَتِ الْكُتُبُ عُرِضَتْ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَبِي الْعَبَّاسِ الْمُعْتَضِدِ بِاللَّهِ ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ النَّاصِرِ لِدِينِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمُتَوَكِّلِ عَلَى اللَّهِ، وَرَفَعَ وَفْدَ الْحَجَبَةِ إِلَى بَغْدَادَ، يَذْكُرُونَ أَنَّ فِي جِدَارِ بَطْنِ الْكَعْبَةِ رُخَامًا قَدِ اخْتَلَفَ وَتَشَعَّبَ، فِي أَرْضِهَا رُخَامًا قَدْ تَكَسَّرَ، وَأَنَّ بَعْضَ عُمَّالِ مَكَّةَ كَانَ قَدْ قَلَعَ مَا عَلَى عِضَادَتَيْ بَابِ الْكَعْبَةِ مِنَ الذَّهَبِ، فَضَرَبَهُ دَنَانِيرَ، وَاسْتَعَانَ بِهِ عَلَى حَرْبٍ وَأُمُورٍ كَانَتْ بِمَكَّةَ بَعْدَ الْعَلَوِيِّ الْخَارِجِيِّ، الَّذِي كَانَ بِهَا سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ، فَكَانُوا يَسْتُرُونَ الْعِضَادَتَيْنِ بِالدِّيبَاجِ، وَأَنَّ بَعْضَ الْعُمَّالِ بَعْدَهُ قَلَعَ مِقْدَارَ الرُّبُعِ مِنْ أَسْفَلِ ذَهَبِ بَابَيِ الْكَعْبَةِ وَمَا عَلَى الْأَنْفِ، وَاسْتَعَانَ بِهِ عَلَى فِتْنَةٍ بَيْنَ الْحَنَّاطِينَ وَالْجَزَّارِينَ بِمَكَّةَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ، وَجَعَلَ ذَلِكَ فِضَّةً مَضْرُوبَةً مُمَوَّهَةً بِالذَّهَبِ، عَلَى مِثَالِ مَا كَانَ عَلَيْهَا، فَإِذَا تَمَسَّحَ الْحَاجُّ بِهِ فِي أَيَّامِ الْحَجِّ بَدَتِ الْفِضَّةُ، حَتَّى تُجَدِّدَ تَمْوِيهَهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ، وَأَنَّ رُخَامَ الْحَجَرِ قَدْ رَثَّ فَهُوَ يَحْتَاجُ إِلَى تَجْدِيدٍ، وَأَنَّ بَلَاطًا مِنْ حِجَارَةٍ حَوْلَ الْكَعْبَةِ لَمْ يَكُنْ تَامًّا، يَحْتَاجُ أَنْ تَتِمَّ جَوَانِبُهَا كُلُّهَا، وَسَأَلُوا الْأَمِيرَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015