بعد أقلّ من ربع قرن على إخماد ثورة النفس الزكيّة، محمد بن عبد الله في المدينة (رجب-رمضان 145/أيلول-تشرين 2 762)، وثورة أخيه إبراهيم في البصرة (رمضان-ذو القعدة 145/تشرين 2 - كانون 1 762) [1]، عاد الحسنيّون في الحجاز للانتقاض على الخلافة العباسيّة بقيادة الحسين بن علي بن الحسن المثلّث ابن علي بن أبي طالب (ذو القعدة-ذو الحجة 169/أيّار-حزيران 786)؛ وقد قضى الخليفة موسى الهادي على ثورتهم في موقعة فخّ بالقرب من مكة.
ولم يكن القضاء على هذه الثورة بالأمر الصعب، كما أنها لم تهدّد سلطة الدولة العبّاسيّة وهيبتها، بل كانت إحدى تلك الطفرات العلويّة المثالية وغير المنظمة التي كانت تنمّ عن اليأس.
غير أنّ هذه الثورة-رغم إخفاقها-تمخّضت عن نتائج مهمة شغلت فترة خلافة الرشيد، وكان لها دور واضح في انتشار الفرقة الزيديّة: إذ استطاع أخوا النفس الزكيّة من أبيه، إدريس ويحيى إبنا عبد الله، الهرب إثر هذه الوقعة، فعمل الأول على تأسيس دولة الأدارسة في المغرب، فيما مهدّ يحيى للدعوة في الديلم ممّا أثمر قيام دولة القاسم بن إبراهيم في الديلم بعد أقل من نصف قرن.