أربعين فيهم الحسين بن علي متوجّها نحو مكّة، وأصحابه قد خذلوه، وهو على بغلة له على رأسه برطلة من الشمس، وأخته بين يديه في قبّة، وحواليه الجماعة وعليهم السلاح، فلمّا كان من الغد، خرج جواري أهل/المدينة في العقيق، فإذا هذه جاءت بذرع وهذه ببيضة وهذه بساعد، وإذا الصحابة قد خذلوه، فلمّا صار إلى العقيق جعلوا ينزعون سلاحهم ويدفنونه في الرمل، وتفرقوا عنه كي لا يعرفوا.
وكان شعارهم ذلك اليوم: «يا وفاء»، جعلوا ذلك علامة بينهم وبين المبيّضة الذين عقدوا بينهم ما عقدوا من أهل الكوفة ليعرف كلّ رجل منهم صاحبه لينصره فما أتوهم ولا وفوا لهم (?).
وروي عن سفيان بن عيينة:
أنّه حدث يوما بحديث علي بن أبي طالب، عليه السلام، أنّه قال: «يأتيكم صاحب الرّعيلة (?) قد شدّ حقبها بوضينها لم يقض نفثا من حج ولا عمرة يقتلونه، فتكون شرّ حجّة حجّها الأولون والآخرون»؛ فقال سفيان: هذا الحسين بن علي بن أبي طالب، فقال له بعض من حضر: يا أبا محمد على رسلك الحسين بن علي خرج من مكة محلا غير محرم متوجّها إلى العراق، وإنما قال: لم يقض نفثا من حج ولا عمرة، قال: فمن تراه؟، قال: الحسين بن علي صاحب فخ، قال: فامسك ساعة، ثم قال: «اضربوا عليه».
ويقال: إنّه سمع على مياه غطفان كلّها ليلة قتل الحسين بن علي هاتفا يهتف ويقول [1]: [من الطويل]