وأقام الحسين بالمدينة وأصحابه في المسجد ودار مروان، ولزم أهل المدينة منازلهم وتركوا حضور المسجد، لا يجتمعون (?) معهم.
وخرجت الأشراف في اليوم الرابع من القتال فتسوّقوا، وقدم الحاج، ومرّ عظم الناس من الحاج (?) على طريق نجد وتركوا المدينة، وأخذ أهل الشام وأهل مصر على الساحل إلى مكة، فأقاموا إلى أربع وعشرين ليلة مضت من ذي القعدة، وكان عدّة أيّام مقامهم بالمدينة ثلاثة عشرم يوما، ثم توجّهوا إلى مكة، فتبعهم ناس من الأعراب (?)، من جهينة ومزينة وغفار وضمرة وغيرهم، ولقيهم عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم بن حسن بالأبواء، وكان/غائبا فلم يكن حضر مخرجهم.
وترأس على العباسيّين العبّاس بن محمد فهو يدبّر أمرهم، فلمّا قدموا مكّة وجدوا بها من أحبابهم ومواليهم مع من قدم مع سليمان بن علي؛ وبعث العباس العيون والطلائع.
وأقبل الحسين في أصحابه، فلمّا كانوا بسرف تلقّته أوائل الخيل، وجنح إلى العباس بن محمد مولى لمحمد بن سليمان كان مع الحسين، فساروا حتى إذا صاروا بفخ تلقّاهم العباس بن محمد بالخيل والرجل.
وكان ممّن اجتمع إلى الطالبيّين سبعمائة رجل، فصفّوا لهم على الطريق؛ قال: فدعاهم العبّاس إلى الأمان وضمن للحسين قضاء دينه والأمان لمن معه من أهل بيته، ولم يترك شيئا من حسن العرض إلاّ بذله له؛ فأبى ذلك أشدّ الإباء.