حين لحق موكب السلطان بجيش ضاقت به الجبال والصحاري/ بقلعة- جنجين- ولم يكن لليفون معقل أكثر منعة منها- بدا للسلطان أن يجعل من هاتين القلعتين فاتحة [ومقدّمة النصر]. فأمر بنصب المجانيق فزلزلوا حال المقيمين في القلعة من صوت القصف المزمجر، وظلت ثلاثة أيام متواصلة تمطر أرواحهم العاجزة بحصيات الموت. فاستغاثوا طالبين الأمان من فرط العجز، وطلبوا ثلاثة أيّام مهلة، فإن لم يصل مدد من جهة تكور بانقضاء الأيّام المعدودة سلّموا القلعة.
فلما وصل الرّسول إلى تكور أجاب قائلا: إنّما أنا عاجز في أمر نفسي ولا طاقة لي على تدارككم. وحين سمع أهل القلعة ذلك الجواب طلبوا الأمان في الرّوح والأهل والمال والعيال. ووفقا لملتمسهم صدر الأمر كتابة بأن يرفعوا العلم على القلعة، ويصعد نوّاب الديوان، فأحضروا احتياط البيوت [من أسلحة وذخائر وسائر المعدّات] (?)، ونصبوا قائدا للقلعة وحرّاسا.
ثم إن السلطان توجّه صوب قلعة «كانجين» فتلقّاه أهلها بالمدافعة والممانعة، فأمر السلطان بتشغيل المجانيق، فأوقعوا في القلعة الخلل وفي أمر الكفار الزّلل، وأعدّوا السّلالم، وباشروا الحرب السلطانية، ووفقا لحكم أعتاب السلطنة قاموا بزحف عظيم وصعدوا نحو القلعة محدقين بها من كل صوب، ولم يكن رماة السّهام من الخارج يتيحون الفرصة لأهل القلعة لإلقاء نظرة على الجيش، وألقى البواسل أنفسهم في موجة واحدة من الهجوم بداخل القلعة، (وما أكثر ما جرى