للمسلمين. فأمر السلطان بإرسال الرّسول مرة ثانية من باب إلزامهم الحجّة، فلم يكن لذلك بدوره جدوى.
وفي اليوم التالي أمر بأن يطوفوا بتكور وهو مقيّد بقيود ثقيلة حول حدود المدينة ويأخذوا في تعذيبه فإما أن يسلّموا المدينة أو يقضى على «كيرالكس».
فأخذ الجلّادون في تعذيبه، وارتفعت صرخاته وأخذ ينوح قائلا: أيها الكفرة، لأجل من تبقون على المدينة وهم سيقتلونني وسيأخذونكم أسرى مقيّدين بالقهر والقسر، فما جدوى المقاومة؟
«فكان تأثيره فيهم كتأثير الرّخاء في الصّخرة الصّماء».
وظلّ الأمر على هذا النحو طيلة النهار إلى أن حلّ الليل.
وفي اليوم التالي أمر السلطان بتعليق «كيرالكس» مقلوبا وشرعوا في عصره حتى فقد الوعي كالصّريع. فلما رأى أهل المدينة أن أمر الملك قد تجاوز الحدّ صاحوا مطالبين بعودة رسول تكور إلى المدينة، «فعندنا كلام نقوله». وحين دخل الرسول المدينة قالوا: لو أقسم السلطان ألا يقتل «تكور» وسمح له بالذهاب سالما إلى ولايته، وأعطانا الأمان لأرواحنا/ وأهلنا وأموالنا وأطفالنا وسمح بأن نذهب حيث نريد، فإننا نسلّم المدينة.
فأقسم السلطان على ذلك كلّه في حضور «تكور» والرسول، ولما حمل الرسول المواثيق إلى المدينة سكن أهلها واطمأنّوا، وطلبوا علم السلطان، وحمل جماعة من أهل تكور وفوج من الحشم المنصور سنجق (?) السلطان- بكل إجلال- إلى المدينة يوم السّبت السادّس والعشرين من جمادى الآخرة سنة 611، ونصبوه على السور.