بهرامشاه الإذن من حضرة السلطان عزّ الدين ودخل الميدان. فانخرط كلاهما على الفور في القتال بالحراب كأنّهما أسد وفهد، فزاد ما تكسّر من رماحهما عن تفاريق العصّي وشتيت الحصيّ، ولم يصب أي من الغريمين بخدش- ولو خطأ- من هذا الطّعان.

فما كان منهما إلا أن مدّا أيديهما إلى علوة السرج، وانتزع كل منهما دبّوسا، فعجزا عن ذلك أيضا، فلما لم يظهر القاهر من المقهور والغالب من المغلوب أرادا امتشاق السيوف من أغمادها ليفصلا في الدعوى بحدّ الحسام، فهو البرهان القاطع. فأمر الملك علاء الدين من داخل المدينة بأن ينادى على مبارز الدين، فلما بلغ نداء النقّباء سمعه رجع، كما ذهب بهرامشاه إلى حضرة السلطان، فأعرب السلطان عن إعجابه/ بثبات قدمه، وخلع عليه.

وظلّت الاشتباكات قائمة على هذا النّمط بين الطّرفين كل يوم من أوائل الربيع حتى أوائل ربيع السنة التالية، ووضع السلطان مقابل المدينة أساس مدرسة على أمل أن يوقف عليها أوقافا ويغدق على فقهائها إن تيسر له الظّفر، وإن ظل الأمر على ما هو عليه أمر بإقامة مبنى المدرسة. فلما استخلص أنكورية وفى بالعهد والنذر وأوقف عليها. ولمّا وصلت النوبة لعلاء الدين أصدر أمرا بهدم القبّة وإبطال الأوقاف، لكن أطلال تلك المدرسة لاتزال باقية.

لنرجع إلى ما كنّا فيه. أقام كل أمير بيتا، وقضوا ذلك الشتاء. وحين وصلت راية ملك الكواكب السيّارة إلى نقطة الاعتدال الربيعي، وامتلأت ستائر الأبواب بريح الصّبا، وتجلّت عرائس الرّياض، تجاوز ضيق المحاصرين وقلّة المؤن والمحاصيل الحدّ، فأخذ سكان المدينة والمحاصرون بالقهر يتجرّعون السمّ من ساقي الدّهر، فشرعوا في قرع باب الصّلح برضا الملك علاء الدين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015