كان السلطان عز الدين امبراطورا سخاؤه كقطر السحاب بلا حساب، ودهاؤه- كطلعة المشتري- يتألق في قلب اللّيل البهيم، قامته تحسدها أشجار السرو النامية على حافة الغدير، وخدّه تغار منه محاسن طراز الربيع (?)، قوسه كاستدارة حواجب الأحبّة مهلكة للروح، وسهمه كدعاء المظلومين يعلو على الأفلاك ويتولدّ عنه الضرر، عقله كدين الإسلام كامل، وعدله كظل الغمام على الخاصّ والعامّ هاطل، كان يعتقد أن إجزال العطاء على القريض من الفرائض، وكان يبلغ في صلاته للشّعراء أقصى الغايات، بعثت إليه ابنة حسام الدين سالار من «الموصل» بقصيدة تشتمل على اثنتين وسبعين بيتا فأنعم عليها بمائة دينار أحمر في مقابل كل بيت، ورفع الصدر نظام الدين أحمد أرزنجاني من مرتبة الإنشاء إلى مرتبة عارض بلاد الرّوم بالقصيدة التي كان قد قالها في جواب «شمس طبسي» وأنشدها في المحفل.
لبس لباس الفتوّة من حضرة الخليفة الناصر لدين الله، وشرب كأس المروءة من حانة قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ (?).
حين بلغ خبر جلوسه على العرش سمع «لشكرى» فكّر مع مستشاريه على أي وجه يبادر بمراسلة السلطان عزّ الدين، وكيف يمكن العذر عن ذلك الغدر- وإن لم يكن رضاه مقرونا به. قال بعضهم (?) إن مقتضى الحزم أن تطلق «آينه