حين شرع «ابن الخطير» بالجهر بالعصيان، وأخذ لفرط ما به من حماقة يصدّق خيالات جنونه، واختار موكب السلطنة وأركان الدولة موافقته مضطرّين، فانصرفوا عن قيصرية إلى «نكيدة»، وأخذ ينجذب إليه كلّ من كان في طينته وجبلّته كفران النّعمة ومخالفة أسرة «قلج أرسلان» الحاكمة، بمقتضى القول: «وشبه الشيء منجذب إليه».
وبالنظر إلى أن «شرف» كان يستروح هواء الشّام وكان له ولوع وشغف تامّ «بالفندقداري»، فقد اجتمع له في «نكيدة» جمع حاشد من كل فئة وطائفة (?).
أما أولاد «قرامان» فقد كان أبوهم في ابتداء حاله من فحّامي التّركمان بنواحي الأرمن، وعرف بقمر الدين، وكان يأتي بالفحم من تلك الجبال- بصفة مستمرة- إلى «لارنده» ويكسب بذلك قوت عياله وأطفاله. وفي وقت الضّعف والاضطراب الذي حدث ببلاد الرّوم عندما توغّل «بايجو» فيها سنة 654 (?) انتهز قرامان الفرصة وشرع- مع أبناء جنسه- في السّرقة/ وقطع الطّرق، وانتقل من مرتبة السّير على الأقدام إلى ركوب الخيل.
ثم إن السلطان «عزّ الدين» حين فارق البلاد، ودخل شطرا المملكة في تصرّف السلطان «ركن الدين» استدرج «قرامان» إلى فخّ طاعته بعد أن أغراه بالآمال والوعود، وأمّره وأعطاه منصبا وإقطاعا كبيرا (?). فحصل له بذلك الكثير