وفي اليوم التّالي، ذهب الصّاحب و «پروانه» والأمير تاج الدين «وولد الخطير» للنّزهة في خدمة موكب السلطان، فلما نزل السلطان بعد أن قام بجولته قال «الشّرف» لتاج الدين إنّ في رأسي خمارا من شراب الأمس، ولديّ صحن أو اثنان من حساء السّماق (?)، وهو ما لا يمكن علاج آلام من يعاني من أثر الخمر إلّا به. فلو تجشم مولاي المشقّة وتفضّل معي لكي نتناوله سويا، ونبادر بتبديد الخمار، فلن يكون ذلك ببعيد عما عوّدتم هذا المملوك عليه من تلطّف.

ولفرط ما كان عليه من سلامة قلب أجاب ولد الصّاحب دعوته، وذهب إلى بيته، ودخل معه من باب الملاطفة، ثم شرعوا في المزاح والمطايبة. وبعد رفع المائدة أزمع ولد الصّاحب الخروج، فكشف «الشّرف» نقاب الحياء، وقال: ليس مسموحا لك من جانب الأمير «پروانه» بمبارحة هذا المكان. قال ولد الصاحب: المروءة مع الإخوان والرّفاق تقتضيك ألا تفعل هذا. فلم يجد ذلك شيئا، ورضي مذعنا بالقضاء، وهدأ. فسطّر «ولد الخطير» في الحال على ورقة: «قضي الأمر»، وبعث بها إلى الديوان عند «پروانه» فورا.

وقام «پروانه» على الفور من مقدّمة الصّفة حيث كان قد جلس مع الصّاحب و «أرسلان دغمش» و «طرمطاي»، وجاء بجنب الصّفة، وأرسل الرّسالة التي كان السلطان «عزّ الدين» قد بعث بها إلى الصّاحب على يد أحد الأكابر لكل من «أرسلان دغمش» و «طرمطاي» و «الصّاحب»، وقال:

كيف يمكن العيش مع من يفكر في المكر بمولاه والغدر به ويناصر معارضيه./

طور بواسطة نورين ميديا © 2015