نرجع إلى ما كنّا فيه؛ وعقد السلطان النيّة على التوجّه إلى الخدمة، فترك أخويه [ركن الدين قلج أرسلان وعلاء الدين كيقباد] مع الأمراء في «قيصرية»، وعزم على الانطلاق إلى «سيواس». وكان «تركري» لفرط جهله وغبائه قد جعل العالم كلّه عدوّا له، حتى أرغم الأمراء السلطان على أن بعثه بعد التّنكيل والتّذليل إلى قلعة «منداس»، وهناك قضوا عليه.
وفي/ غمار تلك الأحداث وصل الخبر بأنّ «قراطاي» قد انتقل إلى جوار الحق- تعالى- في «قيصرية». فاضطرب السلطان أشدّ الاضطراب، ورأى أحوال الملك والبلاد بلا ضابط أو رابط، فقدّم الأعذار لرسل المغول، وسرّحهم، ورجع بنفسه إلى «قيصرية». [فخرج السلطانان ركن الدين قلج ارسلان وعلاء الدين كيقباد من «قيصرية» إلى منطقة «كدوك» لاستقباله ومعهم الأمراء الكبار] (?)، وتشاور أمراء الطرفين في كيفية الاعتذار عن رجوع السلطان عن التوجّه إلى حضرة [الخان] واستقرّت الآراء على أن يوجّه السلطان علاء الدين لكي يقدّم العذر من قبل أخيه. وصرف معه كل من الأمير «سيف الدين طرمطاي» و «شجاع الدين عبد الرحمن» النائب و «خواجه مصلح لالا»، و «نور الدين عبد الله القابض» ومعهم مالا حصر له من الأمتعة والتّحف لحضرة [الخان]. فانضمّ إليهم في الطّريق والدة السلطان غياث الدين، والصاحب «الطّغرائي» و «رشيد الدين» أمير العارض [وأولئك الذين كانوا قد فضّلوا الفقر والتشرّد حبّا في الطّغرائي] (1) وانخرطوا في سلك أتباع السلطان «علاء الدين».
وكانوا إذا وصلوا مكانا يقرّون بأنه سلطان البلاد، وظهر في الطّريق- لهذا السبب- انشقاق وافتراق بين الصاحب «الطغرائي» و «شجاع الدين النائب».
وسترد تتمّة الكلام فيه فيما بعد.