الاثنان القضية إلى «بايجو نوين»، وكان «بايجو» يميل كلّية إلى جانب «معين الدّين» بسبب ما كان بينه وبين الصّاحب مهذّب الدين من صداقة. فانتهز الصّاحب «الطّغرائي» صلة قرابته له، وبأنه كان ربيبا لأبيه «مهذّب الدين» وقد كبر في حجره، ولاذ به من كيد «نجيب الدين المستوفي». وكتب بخطّه رسائل مترجمة مطوّلة في قضايا مختلفة والمعلومات التى ترد مع خصوم حضرة السلطنة إلى «بايجو»، وما يقول فيها وكيف يجيب عنها (?)، وأعطاها للرّسل.
فأبلغ أحد الغلمان ذلك الأمر «لصمصام الدين قيماز» أمير العارض/، فنصب «صمصام الدين» أناسا على المراصد لكى يأتوا بالرّسائل، وحملها إلى الأمير جمال الدين.
ولمّا لم يكن في الديوان أحد يترجم الرّموز ويحلّها، فقد تمّ استدعاء الإمام «زين الدين» ولد تاج الدين الوزير- وهو من زهّاد العلماء- بسبب ما كان بينه وبين «صمصام الدين» من تحالف، وسلّموه الرّسائل، فحلّها، ونقلها بعبارة واضحة. فلمّا وقف الأمير «جلال الدين» على فحواها، توجّه إلى حضرة السلطنة، واستدعى الأمراء، وجيء بالصّاحب «الطّغرائي»، وتمّ إبراز الرسائل المترجمة والمحلولة- وكان بعضهما بخطّ «زين الدين» وبعضها بخطّه هو. فلما رأى الخطّ وقع في الخطّ، وشرع الأمير «جمال الدين» في توجيه السّباب من جديد. وأشار إلى أمير العدل لكي يتحفّظ عليه بأحد البيوت بقصر السلطنة، وأرسلوه من هناك بعد ثلاثة أيّام أو أربعة إلى «أنطاكية» حيث سجنوه.
وفجأة اختفي من ساحة الدّيوان والحضرة «أثير الدين» الملقّب بالمنجّم، والذي كان من بين أتباع الصّاحب «الطّغرائي» ولم يكن له نظير في الدّهاء